حروب الغد اليوم: الطائرات المسيرة والصراع النفسي في ساحة أوكرانيا

حروب الغد اليوم: الطائرات المسيرة والصراع النفسي في ساحة أوكرانيا

 

د. سلام العبيدي

في الآونة الأخيرة، كثيرًا ما نسمع مصطلحات مثل “الحرب الهجينة” و”حروب الجيل الخامس” وما شابه ذلك. وقد كُتب الكثير عن هذا الموضوع، سواء من قبل خبراء في العلوم العسكرية أو من قبل الهواة الذين يتظاهرون بامتلاك المعرفة الكاملة.
هنا، نحن لا نحاول انتهاج موقف الخبراء ولا نهدف إلى انتقاد عدم كفاءة الهواة.

يبدو أن الأهم اليوم هو تعريف الجمهور العريض ببعض إنجازات الفكر العلمي والتكنولوجي البشري، مثل ابتكار وتطوير الطائرات المسيرة (الدرونز)، التي تُستخدم على نطاق واسع ليس فقط في الصراعات المسلحة الحديثة، مثل العملية العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا، والنزاع الإسرائيلي-الإيراني، وغيرها من الصراعات في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا في حل المهام المدنية البحتة، مثل توصيل البضائع صغيرة الحجم، ومراقبة الحوادث المختلفة، وإجراء التصوير لمجموعة واسعة من الاحتياجات.

بالطبع، فإن الجانب الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للجمهور هو استخدام هذه “الطيور” المصنوعة من البلاستيك والمعادن في تنفيذ المهام القتالية، مثل تتبع أهداف العدو وإيصال الذخائر لتدميرها.

في مواجهة الاستخدام الواسع من قبل أوكرانيا للطائرات المسيرة بمختلف تعديلاتها وأهدافها، بما في ذلك تلك المطورة بمساعدة التكنولوجيا الغربية، دخلت روسيا سباق التسلح بالطائرات المسيرة. ويمكن القول اليوم إن المطورين الروس قد حققوا تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال.

إحدى الشركات الرائدة في مجال الطائرات المسيرة هي مؤسسة “مختبر المستقبل”، التي تعمل تحت مظلة “حضيرة التكنولوجيا العالية” في يكاترينبورغ بمحافظة سفيردلوفسك. وهنا، تم تطوير مجموعة واسعة من “الطيور” للاستخدام المدني بإمكانيات هائلة للتطبيقات العسكرية، بما في ذلك طائرات الشحن، والطائرات المخصصة لمكافحة الحرائق، وطائرات الصيانة والإصلاح، وطائرات المراقبة البيئية.
وفقًا لمطوري هذه التقنيات، فإن بعض نماذجهم ليس لها مثيل في العالم. وعلى الرغم من أن هذه الشركة لا تخفي عملها لصالح الصناعات الدفاعية الروسية، إلا أن هذا الموضوع لا يتم الكشف عنه بالتفصيل في ظل استمرار الصراع في أوكرانيا وتواصل الإمدادات العسكرية الغربية لكييف.
حروب المستقبل، التي تدور بالفعل اليوم كما يظهرها الصراع في أوكرانيا، توضح بجلاء أنه إلى جانب استخدام الأسلحة التقليدية، يتم استخدام الطائرات المسيرة والتقنيات الرقمية على نطاق واسع، وكذلك بالطبع أساليب الحرب النفسية والإعلامية بهدف زعزعة الاستقرار الداخلي في دولة الخصم. روسيا تتعامل بنجاح مع هذه التحديات، سواء من الناحية التكنولوجية أو الإعلامية. لكن لا مجال للاسترخاء!
كاتب عراقي