محمد مروان التل: الرزاز من إربد “مبادرة وطنية برؤية عربية”

المحامي محمد مروان التل
في توقيت حرج تتسارع فيه التحديات الدولية والإقليمية، شهد ديوان آل التل في إربد محاضرة مهمة لرئيس الوزراء الأسبق الدكتور عمر الرزاز، قدّم خلالها رؤية متكاملة حول انعكاسات التطورات العالمية على الساحة الأردنية والإقليمية، مؤكدًا ضرورة بناء مشروع وطني أردني متكامل بأفق عربي لمواجهة المشروع الإسرائيلي والتحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة.
حملت هذه الندوة عنوان «انعكاسات التطورات الدولية على الساحة الإقليمية والمحلية الأردنية» وأدارها الصحفي محمد حسن التل منوهاً في بداية تقديمه إلى مكانة الضيف الدكتور عمر الرزاز الرفيعه حيث جمع بين الفكر والسياسة والعمل التنفيذي، وتميز برؤية نقدية عميقة تجاوزت الأرقام والإجراءات لتتصل بمصير المواطن والدولة، متأثرًا بالبيئة الفكرية القومية التي نشأ فيها بكنف والده المفكر منيف الرزاز .
بدأ الدكتور الرزاز محاضرته القيمة بالتأكيد على أن الأردن جابه المشروع الإسرائيلي تاريخيًا بوضوح لخصته الثوابت الأردنية واللاءات الثلاث التي يؤكدها جلالة الملك عبد الله الثاني في مختلف المحافل: لا مساس بالقدس، لا للتوطين، ولا للوطن البديل.
ولفت الضيف إلى أهمية قراءة التحولات العالمية، حيث يتحوّل العالم من أحادي إلى متعدد الأقطاب، ما يستدعي دورًا عربيًا فاعلًا داعيًا إلى دعم هذا المشروع العربي بكل الطاقات و منوها إلى أن غياب المشروع العربي الواضح سيؤول بالامة العربية حيث تسعى الدول الطامعة ومشاريعها ،كما شدد على ضرورة وضع كافة السيناريوهات المحتملة قيد الحسبان ولزوم صوغ الحلول للتعامل معها، مؤكدًا أن أخطر هذه السيناريوهات هو تهديد التهجير القسري وإلغاء القضية الفلسطينية بالكامل.
كما أكد الدكتور الرزاز في محاضرته على أن الصراع الذي يجابهه الأردن اليوم يتجاوز البعد الديموغرافي ليصل إلى اعتداء مباشر على السيادة الأردنية وموقفها الثابت من عدالة القضية الفلسطينية، محذرًا من المشروع الصهيوني الذي يسعى لإعادة تشكيل المنطقة، كما أعاد الضيف التأكيد على أن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى، وأن تمتين الجبهة الداخلية مسؤولية جماعية بدءًا من المستوى الشعبي وصولًا إلى المؤسسات والقيادة.
و في حديثه عن اسباب المنعة و التمكين قال الرزاز إن أهم ورقة يملكها الأردن هي جبهته الداخلية الموحدة التي تعد صمام الأمان في مواجهة أية مؤامرات، داعيًا إلى مشروع متكامل يعزز الاعتماد على الذات، و يضمن مشاركة المواطنين وخاصة الشباب في صنع القرار، مشيرًا إلى ضرورة تفعيل المجلس القومي للتخطيط إلى جانب وزارة التخطيط لضمان الرؤية والاستمرارية و العمل.
وأشار إلى ضرورة تبني مشروع وطني عابر للحكومات بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يواكب التحديات المقبلة ويضمن استمرارية السياسات وفعالية أدواتها، مؤكدًا أن المنعة الاقتصادية تعتمد على تنويع مصادر الطاقة والمياه وتعزيز فرص مشاركة الشباب وإحياء روح الانتماء وبناء المهارات المطلوبة.
واستذكر الرزاز التاريخ الوطني لديوان آل التل الذي اعتبره منبرًا وطنيًا وثقافيًا استضاف رموزًا أردنية أسهمت في صياغة الهوية الوطنية كما تطرق إلى البعد التاريخي لديوان آل التل الذي ظل علامة مضيئة في الحياة السياسية والثقافية الأردنية منذ المؤتمر الوطني الثالث عام 1930 وحتى اليوم، مبينًا أن استحضار الذاكرة الوطنية هو حجر الزاوية لأي مشروع نهضوي يستشرف المستقبل.
لقد عكست هذه الندوة حيوية النقاش الوطني وعمق الإيمان بأن الأردن ليس هامشًا ولا تابعًا، بل دولة صامدة قادرة على تجديد مشروعها الوطني في مواجهة أعتى المصاعب و تتحد كافة أركانها و مكوناتها لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
كاتب اردني