الغارديان: ماذا سيحدث إذا لم نتمكن من إنقاذ الأمم المتحدة؟

الغارديان: ماذا سيحدث إذا لم نتمكن من إنقاذ الأمم المتحدة؟

 

 

إذا قطعت الولايات المتحدة الأموال فسيكون لذلك آثار تغير العالم، ولكنها ليست الدولة الوحيدة التي تقصّر في التزاماتها تجاه الأمم المتحدة كتب سيمون تيسدال في صحيفة “الغارديان”:
لطالما عانت الأمم المتحدة ووكالاتها من نقص التمويل. والآن، تتحول هذه المشكلة المتجذرة إلى أزمة حادة في ظل قطع التمويل من قبل الولايات المتحدة، باعتبارها أكبر مساهم في ميزانيتها بنسبة 22%. ففي فبراير، أعلن البيت الأبيض عن مراجعة مدتها 6 أشهر لعضوية الولايات المتحدة في جميع المنظمات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، بهدف خفض التمويل أو إنهائه، وربما الانسحاب. ويحل الموعد النهائي لقطع التمويل الشهر المقبل.
لقد أثّر إلغاء ترامب للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وإلغاء معظم برامج المساعدات، على العمليات الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة وتدعمها، والتي تعتمد على التمويل التقديري. ومع ذلك، فإن قرار ترامب يؤثر بشدة على النظام الدولي القائم على القواعد. كما أن المفهوم الأساسي للمسؤولية الجماعية عن الحفاظ على السلام والأمن العالميين، والتعاون في معالجة المشاكل المشتركة – الذي تجسده الأمم المتحدة منذ إنشائها قبل 80 عامًا الأسبوع الماضي – على وشك الإلغاء.
ومع أن الولايات المتحدة قد لا تنسحب كليا من الأمم المتحدة، لكن اقتراح ترامب لميزانية عام 2026 سيخفض إجمالي الإنفاق الدولي بنسبة 83.7%، أي من 58.7% مليار دولار إلى 9.6% مليار دولار. ويشمل هذا التخفيض الأمم المتحدة بنسبة 87%.
وأشار ستيوارت باتريك من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إلى أنه “في عام 2023، بلغ إجمالي الإنفاق الأمريكي على الأمم المتحدة حوالي 13 مليار دولار. وهذا يعادل 1.6% فقط من ميزانية البنتاغون في ذلك العام (816 مليار دولار) – أو حوالي ثلثي ما ينفقه الأمريكيون على الآيس كريم سنويًا”. وسيتم تقليص مساعدات التنمية الاقتصادية، والإغاثة من الكوارث، وبرامج تنظيم الأسرة.
ومن المحتمل أن يُغيّر هذا التأثير وجه العالم؛ حيث تشمل وكالات الأمم المتحدة الرئيسية المُعرّضة للخطر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) – في وقتٍ تُصبح فيه المخاطر التي تُواجه الرضّع والأطفال مُرعبة؛ وبرنامج الأغذية العالمي، الذي قد يُفقد 30% من موظفيه؛ والوكالات المعنية بشؤون اللاجئين والهجرة، والتي تتقلص هي الأخرى؛ ومحكمة العدل الدولية (المعروفة باسم “المحكمة العالمية”)، التي سلّطت الضوء على أفعال إسرائيل غير القانونية في غزة؛ والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لقد ثبت بالفعل أن سحب دعم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) له آثارٌ قاتلة، في كل مكان، من الصومال والسودان إلى بنغلاديش وهايتي. ويصف مسؤولو الأمم المتحدة الوضع في ميانمار، التي تعاني من قلة المساعدات بعد الزلزال والصراع، بأنها “كارثة إنسانية”. وقد وجدت دراسةٌ نُشرت في مجلة لانسيت أن تخفيضات ترامب قد تُسبب أكثر من 14 مليون حالة وفاة إضافية بحلول عام 2030، ثلثهم من الأطفال.
إن المخاطر كبيرة، وواشنطن ليست وحدها المتضرر. فمثل الولايات المتحدة، تتخلف حوالي 40 دولة عن سداد اشتراكاتها السنوية الإلزامية. والتبرعات التقديرية آخذة في الانخفاض. وقد تم تقويض ميثاق الأمم المتحدة، وهو بيان المبادئ التأسيسية، بشكل خطير بسبب الفشل في وقف الحرب الروسية-الأوكرانية، والهجوم الأمريكي الإسرائيلي على إيران الشهر الماضي.
وهناك دول، بما فيها بريطانيا، تتجاهل القانون الدولي في بعض الأحيان، مما يطيل من أمد النزاعات. كما يتم تهميش دور مبعوثي الأمم المتحدة والاستهزاء ببعثات حفظ السلام التابعةة للأمم المتحدة. وفي كثير من الأحيان يشل مجلس الأمن قرارات الأمم المتحدة بواشطة حق النقض (الفيتو)، وتبدو الأمم المتحدة عاجزة.
يقول غوتيريش إن أعظم إنجاز للأمم المتحدة منذ عام 1945 هو منع حرب عالمية ثالثة. ومع ذلك، يعتقد محللون مرموقون، مثل فيونا هيل، أنها قد بدأت بالفعل. وتواجه المملكة المتحدة وغيرها من الديمقراطيات أسئلةً مُلحة: هل ستستسلم لسياسات الولايات المتحدة بخنوع مرة أخرى؟ أم ستُقاتل لمنع تفكيك أفضل دفاع عالمي ضد الفوضى العالمية والحروب الدائمة والمعاناة التي لا داعي لها؟
وإذا فشلت الأمم المتحدة وتم التضييق على كوادرها فلن يكون هناك منظمة تحل محلها. وسيسود قانون الغاب كما نرى في غزة وأماكن أخرى؛ حيث يتم قتل عمال الإغاثة وانتهاك المعايير القانونية. وعالم دون الأمم المتحدة سيكون، بالنسبة لمعظم الناس في معظم الأماكن، أكثر خطورةً، وأكثر جوعًا، وفقرًا، وأقل صحةً، وأقل استدامة.