قريباً: بدء هدنة في غزة

قريباً: بدء هدنة في غزة

 

 

د. فايز أبو شمالة
في شهر يونيو حزيران 2025، اعترف العدو الإسرائيلي بمقتل 22 جندياً وضابطاً إسرائيلياً على أرض غزة، ومع بداية شهر تموز يوليو من هذه السنة، اعترف العدو بمقتل جندي، وإصابة عدد آخر من الجنود والضباط الصهاينة، جراح بعضهم خطيرة، وهؤلاء القتلى مؤشر على مقدرة المقاومة الفلسطينية على نصب الكمائن للجيش الإسرائيلي، حتى قال بعض المعلقين الإسرائيليين، وعلى رأسهم وزير الحرب السابق أفيقدور ليبرمان: إن جنودنا كالبط البري في ساحة الرماية في غزة.
ولما كان تحقيق النصر المطلق بحكم المستحيل على أهل غزة، ولما كان الجيش الإسرائيلي قد استخدم كل ما يمكنه من إرهاب وذبح وبطش وتجويع ضد أهل غزة؛ دون تحقيق النصر المطلق الذي يتحدث عنه نتانياهو، لذلك لم يبق أمام القيادة الأمريكية إلا التدخل لإنقاذ شرف الجيش الإسرائيلي من الإهانة التي يتعرض لها على أرض غزة.
استدعاء نتانياهو إلى أمريكا على عجل، ودعوة الرئيس الأمريكي ترامب إلى وقف إطلاق النار في غزة بمثابة المخرج الوحيد للجيش الإسرائيلي من وحل غزة، وعجزه عن تحقيق أهداف العدوان، كما اعترف بذلك رئيس الأركان آيال زامير.
هذه الحقائق الميدانية هي التي تفرض وقف إطلاق النار، وهي التي ستفرض على القيادة الإسرائيلية أن تلجم أحقادها وأطماعها، وأن تعاود قراءة تاريخ المنطقة، لتدرك أن تعصبها الاعمى للخرافة التوراتية، وانعدام الرؤية الاستراتيجية للآثار السلبية السياسية والمجتمعية والنفيسة لعدوانهم على الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة، قد جر عليها هذا الفشل الكبير.
لقد توهمت القيادة الإسرائيلية أن بمزيد من الإرهاب والعنف والقتل سيركع الشعب الفلسطيني، وسيرفع الراية البيضاء في غزة، وستخرج قيادة حركة حماس من غزة مهزومة، تنبذ المقاومة، وتعترف بالشروط الإسرائيلية، لتكون النتيجة تمرير المخططات الإسرائيلية العدوانية على كل المنطقة العربية.
وبعد 636 يوماً من العدوان الوحشي، تجد القيادة الإسرائيلية نفسها ملزمة بوقف إطلاق النار، والتخلي عن شرط تهجير سكان قطاع غزة، والتخلي عن شرط ترحيل قيادة حركة حماس، بل والتخلي عن شرط نزع سلاح المقاومة، وهو الشرط الذي يعني قبول ورضى الشعب الفلسطيني بالاحتلال إلى الأبد، والذي يعني الاعتراف بأن سلاح المقاومة سلاح إرهاب، وليس من حق الفلسطيني أن يقاوم المحتلين.
القيادة الإسرائيلية التي تم استدعاؤها بشخص رئيس حكومتها نتانياهو للقاء الرئيس الأمريكي ترامب يوم الاثنين القادم، تعرف أن للعدوان نهاية، وأن وقف أإطلاق النار لمدة 60 يوماً في غزة، مع صفقة تبادل أسرى، يعني عدم العودة إلى العدوان ثانية، وأن كل الضغط على المدنيين، من قصفٍ وتجويع ونزوح لم يثمر إلا لعنات عربية ودولية على هذا التجمع الصهيوني الإرهابي الذي صار مهانة ومسبة على مستوى شعوب العالم.
الرئيس الأمريكي ترامب يعلن من أمريكا عن موافقة العدو الإسرائيلي على وقف إطلاق النار في غزة قبل أن يصل إليها نتانياهو، وهذه لغة أمر من رئيس أمريكا لرئيس وزراء إسرائيل، لغة أمرٍ تقول: أوقف هذه المهزلة، أوقف هذه الحرب، التي لن تخرج منها منتصراً، وأحرجت أمريكا على مستوى شعوب الأرض، وجرت على أمريكا نقداً دولياً، وتحولات مجتمعية لها ارتداداتها الحزبية والسياسية على المجتمع الأمريكي نفسه، وقد تحول مزاجه من داعم بالمطلق للعدوان الإسرائيلي إلى مؤيد للحق الفلسطيني، والمقياس لذلك هو تقدم المرشح اليساري زهران ممداني ذو الخلفية المسلمة من أصول هندية لمنصب عمدة نيويورك، وهو المعادي للصهيونية، والداعم للحقوق الفلسطينية، والذي لم يتجاوز عمره 34 عاماً، وقد حصل على الجنسية الأمريكية سنة 2018 فقط، لعل هذا أكبر مؤشر على التحولات العميقة في النفسية والعقلية الأمريكية، والتي مثلت فيها مدينة نيويورك القلعة الحصينة للدعاية الصهيونية.
ولكل عدوان نهاية مهما طال أمد القصف والذبح والقتل والتشريد والتجويع، وقد أزفت نهاية العدوان الإسرائيلي على أهل غزة، وقد حان الموعد ليتنفس أهل غزة حقهم في الحياة، وحقهم في الأمن، وحقهم في رفع الحصار وإعادة الأعمار، وقد جاءت نتائج العدوان الإسرائيلي على غير ما تمنى وسعى لذلك قادة الكيان.
كاتب فلسطيني/ غزة