عدنان نصار: لنذهب إلى شجرة الصفصاف.. وقبلي اعتذاري يا سلمى.

عدنان نصار
أدخلتني سلمى في ورطة النص ، ودهاليز الكلام ، ولم أعد قادرا على ترتيب السردية المحكية بما يليق بذكاء الجالسين ..ورطة أحكمت قبضتها علي ، مثل لكمات متتالية طرحتني أرضا ..إنها سردية النص المتعثر حين يتوه الكلام ،ويقف التعبير مثل عاجز عن المشي وهو في ريعان الصبا ..أي عجز هذا الذي أصاب الصبا .؟!
وسلمى، مثل كل الصغيرات المشاغبات ، فهي جميلة ورشيقة ولديها وجه ضحوك ممتليء بفرح قادم ..فرح كأنها تخبئه تحت أكمام فستانها النهدي البارد ، لتلوي به ذراع كل معتد على قامة النص ،أو يسعى لإخراجه عن مسار السرد اللائق ..إنها سلمى التي حين تتكلم بختبيء اللؤلؤ تحت رضابها ، وحين تسكت تبهر الجالسين ..لم تكن أكثر من صبية صغيرة ، تقطف وردتها السابعة من عمر حديقتها الممتد من أول النثر الوردي الى بتلات الياسمين المتأرجحة على ضفة الصبا ..،ماذا يا سلمى لو صنعت/ي طوق لسلام يكفي أعناق الطفولة ، ماذا لو عانقت/ي أحلام العابرين الى الله وهم يرفعون اكف الدعاء للسلام على ملك السلام ..ماذا لو قلت لك/ي : أن روزنزا ستقدم لك/ي إعتذار حال عودتك للبيت .؟
أسمعي يا سلمى : بالأمس صنعت لك/ي طائرة ورقية ، وألبست “باربي” فستانها الجديد ، وهيأت كل ألعابك ، حتى ادوات الرسم أحضرتها لترسمي لوحة الطفولة الراقصة على نغمات الأغنية التي تحبينها :”كيف كانت ،وكيف صارت” ..يا لروعة الأداء ، وجمال رسمك يا صغيرة الملائكة ، وكبيرة العاشقين لسلام الطفولة ..هيئي لنا حاضنة السلام ، وردي غرتك عن الجبين ، وطوحي بيدك لصغار غزة ونادي :حي على السلام ..حي إلى الحياة ، فما عاد العدو يعرف غير لغة البنادق أبناء “الزنادق”..
أمسكي بكفي ، فما عاد خفي على المقاس ، لذلك أمشي في ظلك حافيا ، وأتكيء على جراح الذاهبين الى ربهم (يوم تبلى السرائر) ..لأعود في اليوم التالي لأقرأ على مسامعك ( ..وهذا البلد الأمين) .
لندع جانبا يا سلمى ، ضحكات المنافقين ، وعبوس المتصنعين ، وتحليل المستوزرين ، وخنوع المستنوبين ..لنركل كل الأبواق الزائفة التي أشبعتنا “مراجل” في زمن الردة ..ونزيح جانبا الباحثين عن مقاعد إدارة في شركات كبرى لإسكاتهم ..لنحتكم الى ضمير الوطن ، وقيم الإنتماء ، ومن ثم تأتي التفاصيل ، في البقاء أو الفناء ..!
خذي طائرتك الورقية ، وأمض الى هناااك قرب شجرة الصفصاف ، إرخي الخيط قليلا ، ثم أركضي لتحلق طائرتك على إرتفاعات منخفضة ، أما العلو فسيأتي في سياق تيار الهواء ..إحذري من تلك التلة ، فخلفها قد يكون قناص بلا ضمير يصطاد حلم الطفولة ..هيا ، اركضي فأنا سأواصل سردية وطن مقاوم ، وحكاية تاريخ نثر على ضفة الماء الصمود الآخر من الثبات ..!
كاتب وصحفي أردني