لماذا تتواصل محاولات اغتيال الشرع، وما سبب إصدار الأتراك لمحاولة اغتياله الأخيرة في درعا ونفيها من قِبل “إعلام الجولاني”؟ ما هو السر وراء قلق واشنطن من اغتياله، وهل ينتهي به المطاف كـ”السادات- الإسلامبولي”؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
تُوضَع علامات استفهام كبيرة، حول الأسباب التي تُبقي مُحاولات اغتيال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، مُتصدّرة إلى الواجهة، وما إذا كانت بالفعل مُحاولات حقيقة تبوء بالفشل، أم مجرد استعراض إعلامي وتصدير المخاوف، للحال الذي يُمكن أن تذهب إليه سورية في حال جرى اغتيال الشرع.
اللّافت في نبأ اغتيال الشرع المُفترض الجديد هذا، أنه جرى تصديره إعلاميًّا، عبر الإعلام التركي، وتحديدًا صحيفة “استقلال” التركية، التي يُفترض أنها (تركيا) من حُلفاء الرئيس الانتقالي، ما يعني أن النبأ “تُركيًّا” على الأقل لا يحتمل التشكيك، حيث وبحسب الصحيفة المذكورة، تم في اللحظات الأخيرة بعملية استخباراتية مشتركة بين الجانبين التركي والسوري عبر تبادل المعلومات والتنسيق المباشر، بعد أن تم رصد المخطط من خلال مصادر ميدانية واعتراضات للإشارات في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن الخطة أُعدت في ريف درعا، في منطقة تستغلها الجماعات المسلحة عادة نتيجة الثغرات الأمنية فيها، وتشير المعلومات إلى أن المخطط هو عنصر متمرّس ينتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي.
مُحاولات اغتيال رأس السلطة الانتقالية الجديدة في سورية، يوحي أو يؤكد لعلّه، بأن ثمّة انفلات أمني يحدث في سورية الجديدة، وأن التقارير المُتناسلة عن القتل، والخطف، والتعذيب بحق السوريين، والاحتقان الطائفي، ما هي إلا حقائق، ووقائع، فذات رأس السلطة الجديدة مُستهدف، ولا يستطيع حماية نفسه.
وكان نقل تلفزيون سورية المقرب من السلطات الجديدة عن صحيفة “لوريان لو جور”، قولها في وقت سابق، إن الشرع (أبو محمد الجولاني) تعرّض لمُحاولتيّ اغتيال على الأقل منذ تولّيه الحكم (أقل من سبعة أشهر على سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد)، ولفتت إلى أن إحدى المحاولتين وقعت في شهر مارس الماضي.وبحسب المعلومات التي أوردتها الصحيفة، فإن جماعات مسلحة من بينها “تنظيم داعش”، تقف وراء هذه المُحاولات.
تكرار تعرّض الشرع لمُحاولات اغتيال، قد يفسّر مُسارعة نفي مصدر في وزارة الإعلام السورية لوكالة “سانا”، الأحد، ما تم تداوله من قبل عدة وسائل إعلامية عن إحباط الجيش السوري الجديد والمخابرات التركية محاولة لاغتيال أحمد الشرع خلال زيارته لدرعا.
ومُثير للانتباه، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعزف على وتر إمكانية اغتيال الشرع، فحذّر سفير الولايات المتحدة لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سورية توم باراك، في 10 يونيو الجاري، من تهديدات جدية تستهدف الانتقالي الشرع، على خلفية ما توصف بمُحاولاته إشراك مختلف المكونات السورية والانفتاح على الغرب، مشيراً إلى أن فصائل متطرفة قد تسعى إلى اغتياله لعرقلة المسار السياسي الجديد في البلاد.
وفيما تتصدّر أنباء مُحاولات اغتيال الشرع، يحدث بالتزامن أن أعلن الحاخام أبراهام كوبر أنه زار سوريا وقضى ساعتين مع الشرع، وحدث ذلك مع أنباء تتحدّث عن وجود محادثات لـ”التطبيع” بين سوريا وإسرائيل.
ومِن غير المعلوم إذا كانت أنباء اغتيال الشرع تأتي في توقيتٍ تذهب فيها تصريحات الإسرائيليين لاستفزاز السوريين، حيث وصل الحال بوزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إلى القول “إن بقاء إسرائيل في مرتفعات الجولان يشكل شرطًا أساسيًّا لأي اتفاق تطبيع محتمل مع سوريا، مؤكدا أن اعتراف دمشق بسيادة إسرائيل على الجولان يُعد خطوة ضرورية لإبرام اتفاق مع الرئيس السوري أحمد الشرع”.
وتعود للواجهة تصريحات سابقة لأحمد الشرع، قبل وصوله وإسقاط الدولة السورية السابقة، حيث بشّر أتباعه ليس فقط بالوصول إلى دمشق، بل بالوصول إلى القدس، ما يعني أنه يُفترض لا يعترف بإسرائيل، وفقًا للأدبيات الجهادية التي كان يعتنقها، قبل تقليم لحيته الإسلامية وثوبه الجهادي.
كيف ينظر السوريون إلى التطبيع؟.. المركز السوري لدراسات الرأي العام (مدى) أصدر تقريرًا عن نتائج استطلاع رأي يكشف كيف ينظر السوريون إلى العلاقة مع إسرائيل، توزع على جميع المحافظات السورية. وحمل التقرير، الصادر في 30 من نيسان الماضي، بعنوان “نحو التطبيع آراء وتوقّعات السوريين حول توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل”، نتائج متباينة حول عملية التطبيع أو السلام مع إسرائيل.
أظهر الاستطلاع أن 46% من السوريين المشاركين بالاستطلاع رفضوا توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، فيما رفض 59.25% من السوريين وجود أي تمثيل دبلوماسي إسرائيلي في سوريا، أو العكس بينما أيّد هذا الوجود الدبلوماسي 23.73%، في حين كان 17.2% غير مهتمين بهذه القضية.
بحسب التقرير، لا تزال إسرائيل هي التهديد الأكبر لأمن سوريا في المرحلة الراهنة، إذ أكد 76% من السوريون المشاركين في الاستطلاع هذا الموقف.
وفي ظل هذا الرفض السوري للتطبيع، يبقى السؤال هل يُقامر ويُغامر الشرع في الذهاب لإسرائيل تحت عنوان انسحابها من الأراضي السورية، ومنحه الأمن والأمان، ويعترف بسيادتها على الجولان، بل ويذهب على طريقة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات رافعًا شعار السلام، لينتهي به الحال مقتولًا على يد ضابط عسكري سوري يُشابه في الصّفات الضابط المصري خالد أحمد شوقي الإسلامبولي الذي اغتال السادات العام 1981، كون الأخير بحسبه وقّع على اتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل، مع الإشارة إلى أن سورية كانت دولة مُقاومة “قبل الثورة”، ومِثلها مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.