يسين بوغازي: سينما الهواة تمثل روحًا مفقودة في تطور السينما الجزائرية

يسين بوغازي: سينما الهواة تمثل روحًا مفقودة في تطور السينما الجزائرية

 

يسين بوغازي
لكثرة الاشتغال على السينما والحديث عنها يركنك الوقت إلى ركن قصي من عالمك الثقافي فتستحضر معه أشياء جميلة، وجوه، ونقاشات تتفتح أمامك بعوالم لم تكن تستشعر أنها ستفتح يوما.. بجماليات الفكرة، وجدارة التحليل وربما بالقدر نفسه يهيبك الاشتغال بالسينما والحديث عنها أن يرفع أمامك ستار عن أشياء سيئة، وجوه ونقاشات تصدمك بضحالة الفكرة وقصور التحليل فتقف حائرا أمام غياب الثقافة السينمائية تماما، وهذه شؤون تتكرر في الفنون والثقافة…
ولعلي مؤخرا زدت اقتناعا بأن السينما الجزائرية رغم كل شيء تدخر في مسارها حركة غاية في الجدارة، حركة ربما ركنت على الهامش أو ربما تركت وفق ظروف الحياة فانسحب رجالها إلى الظل واكتفوا بالمشاهدة، لكنها تبدو ليّ حركة حاضرة رغم كل شيء، تستشعرها تطلع أمامك وأنت المعني بالسينما كحركة مكتملة الأركان برجالها وهم مكتملوا الوعي و رؤاها وهي مكتملة البناء السينمائي، وجدارتها وهي مكتملة الحلم السينمائي، وعامرة بالتجارب وأكثر من كل ذلك ، عامرة بالتواضع الذي قل مؤخرا..
إنني يا أصدقائي أتحدث عن حركة سينما الهواة، أو ما تبقي من حركة سينما الهواة في جزائر النهضة السينمائية الرئاسية، أتحدث عما ظل من ذلك الوعي والشغف بالسينما وقد عاد إلى الجزائر..
لقد عايشت من وقت، وسمعت و رأيت صورا كاملة عن السينما وتشكيلها وعوالمها وأساليبها الفنية وقصصها الصغيرة في إطلاقها الفكري الثقافي واطلاقها الفني التقدمي أمام حركة سينما الهواة، ومنذ سنوات وأنا أراني أعيد التذكر بأنها حركة ذات قيمة سينمائية وتجربة تاريخية، بمثابة روح غائبة، ربما ضاعت أو في طريقها إلى الضياع أكثر لأن الموجات الجديدة من السينمائيين انقطعوا عنها وتركوها محاولين الاستفادة من ابهارات السينما الجديدة، وعوالمها الاشهارية وهذا أعتقد أنه خطأ كبير..
سينما الهواة لهي السينما الحقيقة والأصلية في الجزائر، حركة سينمائية واكبت ظهور رجالات الفيلم الجزائري وتطوره منذ منتصف السبعينيات وما يزال بعض من رجالها حاضرون، فحينما تمنح لهم فرص للحضور يقولون سينماهم بروعة وثقافة..
مؤخرا بدا ليّ علو همة الثقافة السينمائية والوعي بها كفعل فني ثقافي نضالي، وبتحدياتها الراهنة و الماضية عند سينما الهواة أعمق إدراكا وأعلى همة ، مما لم أجده لدى صحفيين ثقافيين مكرسين ولدى نجوم و إداريو السينما والمشتغلين فيها و موظفين كثر ، لقد وجدت السينما الجزائرية عارية عندهم وبين كلماتهم وتعابير وجوههم ، هم من نسميهم محترفو سينما الهواة. سينمائيين ما أن يعطوا فرصة للكلام إلا و يتعالى الصدق ناثرا السينما والشغف بها بجماليات القول وبجدارة الوفاء للأفلام و السينما الجزائرية التي كانت في يوم من الأيام..
كاتب جزائري