إيران ترد على الولايات المتحدة بقصف قاعدة العديد الأمريكية في قطر والعراق بستة صواريخ باليستية.. سماع انفجارات في الدوحة وتعليق الحركة الجوية.. وواشنطن تحذر رعاياها في قطر بالاحتماء تحسبًا لرد فعل إيراني.

دبي – الدوحة- (أ ف ب) – متابعات- أفادت وسائل إعلام أميركية وإيرانية، مساء الإثنين، أن إيران أطلقت وابلاً من الصواريخ باتجاه قواعد عسكرية أميركية في منطقة الخليج، في خطوة وصفت بأنها رد مباشر على الضربة الأميركية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران.
ونقل موقع أكسيوس عن مسؤولين—أحدهما إسرائيلي والآخر عربي—تأكيدهم أن الهجوم طال مواقع أميركية متعددة في الشرق الأوسط، بينها قاعدة العديد الجوية في قطر، التي تُعد من أكبر القواعد الأميركية في المنطقة.
كما أعلن التلفزيون الإيراني الرسمي عن انطلاق ما سماه عملية “بشائر الفتح”، مؤكداً استهداف القاعدة المذكورة، بالتزامن مع تقارير عن سقوط صواريخ في محيط قواعد أميركية داخل العراق.
من جهته، صرّح مسؤول رفيع في البيت الأبيض لـأكسيوس بأن الإدارة الأميركية على دراية بالتهديدات المحدقة بقاعدة العديد، مشيراً إلى أن البنتاغون والبيت الأبيض يراقبان الوضع عن كثب تحسبًا لأي تطورات إضافية.
وسُمع دوي انفجارات في أنحاء الدوحة مساء الاثنين، بحسب مراسلي فرانس برس، بعيد إغلاق قطر مجالها الجوي على خلفية التطورات في المنطقة عقب الضربات الأميركية على إيران وتوعد طهران بالرد.
وأعلنت قطر التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تعليق الرحلات الجوية الاثنين كإجراء احترازي بسبب “تطورات الأوضاع في المنطقة”، وذلك بعد توعد إيران بالرد على ضربات أميركية استهدفت منشآتها النووية الأحد.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية “في إطار حرص دولة قطر على سلامة المواطنين والمقيمين والزائرين، تعلن الجهات المختصة عن إيقاف الملاحة الجوية مؤقتا في أجواء الدولة، وذلك ضمن مجموعة من الاجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها استنادا الى تطورات الأوضاع في المنطقة”. وأتى البيان القطري بعد ساعات من دعوة السفارة الأميركية في الدوحة رعاياها الى “الاحتماء في أماكنهم”.
ودعت السفارة الأميركية في قطر الإثنين، رعاياها إلى “الاحتماء في أماكنهم”، تبعتها بعثات غربية أخرى، بعد تهديد إيران بالرد على الضربات الأميركية التي استهدفت منشآتها النووية.
وقالت السفارة الأميركية عبر موقعها الإلكتروني إنه “من باب الحذر الشديد، نوصي المواطنين الأميركيين بالاحتماء في أماكنهم حتى إشعار آخر”.
وفي وقت لاحق، استندت بريطانيا وكندا إلى التحذير الأميركي في توصياتهما لمواطنيهما.
وكانت القوات المسلحة الإيرانية قد توعّدت الولايات المتحدة الاثنين بـ”عواقب وخيمة” ردا على الضربات التي طالت ثلاثة مواقع نووية في إيران.
وتضم قطر الغنية بالغاز، والواقعة على بعد 190 كيلومترا إلى جنوب إيران عبر الخليج، قاعدة العديد الجوية، وهي أكبر قاعدة أميركية في المنطقة.
وفي البحرين التي تستضيف الأسطول الخامس الأميركي، أفادت السفارة الأميركية بأنها “نقلت موقتا جزءا من موظفيها للعمل عن بُعد”، في منشور على منصة “إكس”.
وكانت السلطات البحرينية قد أوعزت مسبقا إلى غالبية الموظفين الحكوميين بالعمل من المنزل حتى إشعار آخر، مشيرة إلى “ظروف إقليمية”.
وعقب التحذير الأميركي في الدوحة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن تحذيرات السفارات الأجنبية “لا تعكس بالضرورة وجود تهديدات محددة”.
وأضاف في بيان على إكس أن “الوضع الأمني في الدولة مستتب”، مؤكدا أن “قطر تواصل بذل جهود دبلوماسية حثيثة لخفض التصعيد في المنطقة”.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد حضّت الأحد الأميركيين حول العالم على “توخي مزيد من الحذر” بسبب الحرب القائمة بين إيران وإسرائيل.
– إغلاق مضيق هرمز –
يُعدّ هذا الممر المائي الضيق، الواقع بين إيران وسلطنة عُمان، بوابة لصادرات الطاقة من الخليج إلى الأسواق العالمية، ويمر عبره خُمس صادرات العالم من كل من النفط والغاز الطبيعي المسال.
وقد يؤدي إغلاق المضيق الذي يبلغ عرضه 50 كيلومترا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 120 دولارا للبرميل، ما سيرفع أسعار النقل والغذاء والمرافق حول العالم، وفق بحث أجراه دويتشه بنك.
وأوضح المحلل في شركة ريستاد إنرجي لو مينغ بانغ الأسبوع الماضي أنه “من مصلحة كافة دول الشرق الأوسط إبقاء مضيق هرمز مفتوحا ومنع أي انقطاع في الإمدادات”.
وفي الوقت الراهن، لا يبدو أن هناك قلق كبير في الأسواق، إذ تم تداول خام برنت الإثنين بسعر 76 دولارا للبرميل، دون تغيير يُذكر مقارنة بإغلاق التداول الجمعة.
وقال المحلّل لدى مصرف “إس إي بي” بيارن شيلدروب “بالنظر إلى سعر النفط هذا الصباح، يتضح أن سوق النفط لا يُشير إلى احتمال كبير جدا لحدوث إغلاق”.
ويبقى التساؤل الأهم بشأن ما إذا كانت إيران مستعدة لتفجير هذه القنبلة الاقتصادية. فرغم تلويحها مرارا بخيار إغلاق المضيق، بما في ذلك في العام 2011 حين واجهت عقوبات نفطية عليها، إلا أنها لم تُقدم بعد على تنفيذ التهديد.
وقال مسؤول أوروبي كبير إن الإيرانيين لا يملكون الوسائل اللازمة لإغلاق المضيق “على المدى الطويل”، لكنهم قد يُعيقوا حركة الشحن، مضيفا “سيكون القيام بذلك بمثابة انتحار”.
وأوضح أن التأثير على إسرائيل قد يكون شبه منعدم، لكن التأثير على إيران سيكون كبيرا، وكذلك على الولايات المتحدة وأوروبا والصين.
ويتمركز الأسطول الخامس الأميركي، وهو قوة مهمّة للبحرية، في البحرين على الضفة المقابلة لإيران. وما زالت طهران تتعرض لهجمات إسرائيلية متواصلة.
ورغم العقوبات المفروضة عليها، تشكّل صادرات إيران من الطاقة مصدر دخل حيوي لها، وتُعد تاسع أكبر منتج للنفط في العالم.
وحذّر الخبير الجيوسياسي مايكل هوروفيتز، في منشور على منصة “إكس”، قائلا “إذا حاولت إيران إغلاق مضيق هرمز… قد ترى إسرائيل في ذلك إشارة لبدء استهداف منشآت النفط والغاز الإيرانية”.
– القواعد الأميركية –
تشكّل القواعد العسكرية الأميركية التي تتوزّع على دول الخليج والعراق وسوريا أهدافا محتملة في ظل التصعيد في المنطقة.
ويُقدر عدد الجنود الأميركيين في الكويت بنحو 13500، بينما تُعتبر قاعدة العديد في قطر الأكبر في الشرق الأوسط.
وتُعد البحرين مقرّا للأسطول الخامس للبحرية الأميركية الذي تمتد منطقة نشاطه من الخليج إلى البحر الأحمر مرورا بخليج عُمان وأجزاء من المحيط الهندي. ويتمركز حوالى 3500 جندي أميركي في قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات العربية المتحدة.
وأما في العراق، فتتمركز قوات أميركية في عدة منشآت بما في ذلك قاعدة عين الأسد الجوية (غرب) وفي أربيل (شمال).
وقال ريناد منصور من مركز “تشاتام هاوس” للأبحاث إن تزايد التدخل الأميركي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية يُنذر بهجمات على المصالح والقواعد الأميركية في المنطقة.
وأضاف منصور “الهجوم الأميركي على إيران يعني أن الحرب الآن بين إسرائيل والولايات المتحدة وإيران، ما يعني أن إيران قد تسعى لاستهداف الولايات المتحدة في كل أنحاء المنطقة”.
وسبق لإيران أن استهدفت قاعدة عين الأسد في العام 2020 ردا على اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني.
ورغم ذلك، يُعد خيار ضرب قواعد في الخليج محفوفا بالمخاطر بالنسبة لطهران، إذ يحمل خطر عزلها عن دول الخليج القوية التي تربطها علاقات جيدة مع واشنطن.
وأوضح الخبير في شؤون الشرق الأوسط أندرياس كريغ أنه “من غير المرجح أن تهاجم طهران دول الخليج العربية”.
وقال كريغ “رغم اعتبار إيران الإمارات والسعودية داعمين خفيين للمحور الأميركي-الإسرائيلي، فإنها تدرك أن أي هجوم على أراضيهما قد يوحّد الصفوف ضدها ويفتح الباب أمام تعزيز الوجود العسكري الأميركي في المنطقة”.
وأضاف أنه بدلا من ذلك، “قد تلجأ إيران إلى توجيه تحذيرات مبطنة لهذه الدول، أو استخدام وكلاء إقليميين للضغط عليها، أو تشارك في هجمات سيبرانية أو عمليات استخباراتية تستهدف مصالحها”، لتحافظ طهران على مسافة تسمح لها بالإنكار مع رفع كلفة الانخراط في الصراع.