إيران تواصل إطلاق صواريخها على قلب الكيان، على الرغم من الضربة الأمريكية: إسرائيل تؤكد استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم وقدرتها على صناعة قنابل ملوثة. التحالف التاريخي بين واشنطن والكيان يدفع دول المنطقة نحو التطبيع.

الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
تعيش إسرائيل، كيانًا ومستوطنين، حالة من الفرحة العارمة بعد توجيه الجيش الأمريكيّ ضربةً للمنشآت النوويّة الإيرانيّة صباح اليوم الأحد بتوقيت فلسطين المحليّ، ومع ذلك، فإنّ حالة الترّقب تسود في الكيان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تحسبًا لضرباتٍ صاروخيّةٍ إيرانيّةٍ.
وفي هذا السياق أكّد المُحلِّل نداف إيال، في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ الألاعيب انتهت وأنّ الولايات المتحدّة العظيمة واجهت بشكلٍ مثيرٍ البلطجي الذي يثير المشاكل في الشرق الأوسط، أيْ إيران، على حدّ تعبيره، أمّا المُحلِّل العسكريّ في الصحيفة، رون بن يشاي، فقد أكّد أنّ الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب وصل اليوم إلى أوجه وارتفع عدّة درجاتٍ وأنّه بات تاريخيًا بعد الضربة الأمريكيّة لمنشآت إيران النوويّة، على حدّ تعبيره.
وأوضح أنّ التحالف التاريخيّ بين إسرائيل والولايات المتحدّة، والذي ارتفع درجةً، سيدفع العديد من الدول في المنطقة للتطبيع مع دولة الاحتلال، المدعومة بالكامل من أكبر قوّةٍ في العالم، ولكنّ المُحلِّل، الذي اعتمد على مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في إسرائيل، استدرك قائلاً: حتى اللحظة لا يُمكِن معرفة مصير اليورانيوم المُخصّب والمخبأ، ولذا لا يمكن شطب محاولةٍ إيرانيّةٍ لإنتاج ما وصفها بالقنابل الملوثّة.
وشهدت مناطق واسعة من دولة الاحتلال، صباح اليوم، سقوط عدد كبير من الصواريخ الإيرانية أحدثت أضرارًا كبيرة في المناطق المستهدَفة، وفق ما ذكرت وسائل إعلام عبريّة.
ونقلت إذاعة جيش الاحتلال (غالي تساهل) أنّ “حوالي 30 صاروخًا أُطلقت من إيران على دفعتين في اتجاه (غوش دان) والشمال”، فيما قالت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّ “نحو 10 مواقع شهدت إصابات صاروخية مباشرة، بينما سُجّلت إصابة 15 (مستوطنًا) بجراح حتى الآن”.
وتزامنًا مع دويّ صفارات الإنذار في كل أنحاء العمق الإسرائيليّ، سُمعت انفجارات قوية ومتتالية هزّت تل أبيب وحيفا والسهل الداخلي، خلال الرشقة الصاروخية الأولى.
وأكّد الإعلام العبريّ تسجيل إصابات مباشرة بصواريخ إيرانية في 6 مواقع، هي: نس تسيونا وحيفا وتل أبيب وبئر يعقوب والرملة وأور يهودا، بينما أفاد التلفزيون الإيراني بأنّ “الصواريخ الإيرانية أصابت 10 مواقع مختلفة على الأقل من دون إطلاق صفارات الإنذار”.
حرائق في بات يام وفشل إنذارات حيفا
واندلع حريق في مبنى في مستوطنة بات يام، حيث سقط أكثر من 20 صاروخًا في مناطق مختلفة، بعضها في حيفا، واشتكى المستوطنون من عدم تفعيل أجهزة الإنذار.
واستهدفت الرشقة الصاروخية الثانية منطقة الشمال، إذ دوّت صفارات الإنذار مجدّدًا في حيفا وإصبع الجليل ومناطق أخرى، في وقت طالبت فيه الجبهة الداخلية من المستوطنين في المناطق التي تنطلق فيها صفارات الإنذار البقاء في الملاجئ حتى إشعار آخر.
إصابات وأضرار كبيرة
وأدّى سقوط الصواريخ الإيرانية إلى إصابة نحو 15 مستوطنًا بينهم اثنين في حال حرجة، وإلى أضرار كبيرة في البنية التحتية، بحسب الإعلام الصهيوني وما أظهرته المقاطع المصورة.
وأشارت وسائل الإعلام العبريّة إلى دمار كبير لحق بالمباني في تل أبيب وفي مواقع أخرى، بالإضافة إلى سقوط عدد من الإصابات الحرجة والمتوسطة والطفيفة، وعلى إثر ذلك، طالب المتحدث باسم جيش الاحتلال بعدم نشر أوْ مشاركة معلومات أوْ مشاهد عن أماكن سقوط الصواريخ الإيرانية.
أمّا الشرطة فطلبت من المستوطنين عدم التوجّه إلى مناطق سقوط الصواريخ الإيرانية، في حين أشار الإعلام العبريّ إلى تقييد حركة وسائل النقل العام واقتصارها على حال الطوارئ فقط بسبب تشديد إجراءات الجبهة الداخلية.
ووصف الإعلام العبريّ الضربة الصاروخية الإيرانية في تل أبيب بأنّها الأشد، منذ بداية الهجمات الصاروخية لإيران على إسرائيل، وذكرت وسائل إعلام عبريّةٍ أنّ “الدمار الذي لحق بمبنى القطار القديم في رمات أفيف في شمال تل أبيب من الصعب تخيُّله”.
جدير ذكره أنّ الهجمات الصاروخية من إيران أتت عقب ساعات قليلة من تنفيذ الطائرات الأمريكية عدوانًا على إيران استهدف المواقع النووية الإيرانية في كل من (فوردو) و(نطنز) وأصفهان.
إلى ذلك، كشف مسؤول أمريكيٌّ لصحيفة نيويورك تايمز أنّ الهجوم الذي جرى فجر اليوم الأحد على المنشآت النووية الإيرانية، تضمن استخدام ذخائر دقيقة وعالية القدرة، حيث ألقت طائرات الشبح الأمريكيّة من طراز B-2 ما مجموعه 12 قنبلة خارقة للتحصينات على منشأة (فوردو) شديدة التحصين، إضافة إلى قنبلتين مماثلتين استهدفتا منشأة (نطنز)، على حدّ تعبيره.
في سياق ذي صلةٍ، قالت صحيفة (ذا غارديان) البريطانيّة إنّ “دونالد ترامب كان يرى عمومًا أنّ النزاعات المسلحة فخٌ أكثر مما هي مخرج. فقد صرّح أنّ الولايات المتحدة “ستقيس نجاحها ليس فقط بالمعارك التي ننتصر فيها، بل أيضًا بالحروب التي تنهيها” وربما الأهم من ذلك، الحروب التي لا ندخلها أساسًا. ومع ذلك، فإنّ فشله في تحقيق اتفاقيات السلام التي كان يطمح إليها، تلك التي يراها جديرة بجائزة نوبل، إضافة إلى مناورات بنيامين نتنياهو، يبدو أنّهما جعلاه أكثر ميلاً للتدخل الأمريكيّ في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل”.