تصاعد التوتر بلا حدود وتأجيل الردع: إسرائيل وإيران في مواجهة اختبار الزمن الطويل

تصاعد التوتر بلا حدود وتأجيل الردع: إسرائيل وإيران في مواجهة اختبار الزمن الطويل

زياد المجالي
في اليوم العاشر للحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران، تستمر العمليات العسكرية بوتيرة متصاعدة، بالتزامن مع حراك دبلوماسي كثيف تحاول عبره القوى الإقليمية والدولية احتواء التدهور، دون أن تنجح حتى اللحظة في فرض مسار سياسي فعّال أو وقف لإطلاق النار.

 الدبلوماسية في جنيف… وصدى إسلامي في إسطنبول
في جنيف، فشلت الجولة الثالثة من المحادثات الأوروبية مع أطراف التفاوض غير المباشر في التوصل إلى صيغة توافقية، حيث رفضت إيران تقديم أي تنازلات دون رفع الحصار البحري، فيما تمسّكت واشنطن بشروط أمنية تتجاوز الملف النووي إلى مجمل النفوذ الإيراني في المنطقة.
بالموازاة، عقد في إسطنبول مؤتمر طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، بدعوة تركية مباشرة، ضم وزراء خارجية الدول الأعضاء وعددًا من المسؤولين الأمنيين، بهدف بلورة موقف إسلامي موحد تجاه تصاعد المواجهة.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استهل الجلسة بكلمة شديدة اللهجة، دعا فيها إلى “وقف الحرب فورًا”، محذرًا من أن استمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران سيقود إلى “كارثة إقليمية تتجاوز قدرة أي طرف على احتوائها”. كما دعا إلى موقف إسلامي موحد ضد الاحتلال والدمار والتهديد النووي.
ورغم توافق المشاركين على إصدار بيان يدعو لوقف فوري لإطلاق النار وبدء وساطة أممية، إلا أن الانقسامات ظهرت بين من يتبنى الحياد، ومن يساند أحد الطرفين بصورة غير مباشرة.


الوضع الميداني: تصعيد محسوب وضربات متبادلة
المسيّرات الإيرانية استهدفت مجددًا مناطق في النقب وبيسان داخل إسرائيل، دون تسجيل إصابات مباشرة.
بالمقابل، كثّفت تل أبيب غاراتها على مواقع صناعية وأمنية قرب أصفهان وبوشهر، وسط صمت رسمي إيراني متكرر.
في الجنوب السوري، تبادلت وحدات إسرائيلية النيران مع مجموعات موالية لإيران في محيط القنيطرة، في مواجهة محدودة لم تتوسع إلى اشتباك شامل، لكنها تؤشر إلى اختبارات متواصلة لحدود الردّ الإقليمي.

🎙 تصريحات باراك: بين القوة والمستقبل النووي
في تصريح لافت، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك في مقابلة متلفزة إن المشروع النووي الإيراني “لن يتوقف بتدمير المنشآت”، مشيرًا إلى أن أقصى ما قد تحققه إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة هو تعطيل مؤقت لا يتجاوز أشهرًا.
وأكد باراك أن إيران أصبحت تملك المعرفة التقنية والعلمية الكافية لاستئناف أنشطتها بسرعة، ما يجعل الردع العسكري غير كافٍ، ويعكس في الوقت نفسه محدودية الخيارات أمام تل أبيب.


 قراءة استراتيجية: موقف باكستان والصين في معركة الشرق الأوسط
باكستان: توازن فوق نار الإقليم
توجس داخلي من انفجار الميدان الإقليمي، خصوصًا في إقليم بلوشستان الملاصق لإيران.
الحياد الاستراتيجي هو السلوك المعلن، مع رقابة أمنية مشددة على الحدود ومتابعة استخبارية لتحركات أي مجموعات خارجة عن السيطرة.
العلاقات الحساسة مع الخليج، وخاصة السعودية، تدفع إسلام آباد إلى تجنّب أي اصطفاف صريح مع طهران، رغم التداخل الجغرافي والمذهبي.
الموقف الإعلامي الرسمي: صامت، حذر، لا يميل لأي طرف.

الصين: الوسيط الصامت وحارس المصالح
بكين تتمسك بالدعوة إلى التهدئة ورفض التدخلات العسكرية التي تهدد استقرار سوق الطاقة العالمي.
تحرّك هادئ خلف الكواليس لتقريب وجهات النظر دون أن تتورّط دبلوماسيًا.
القلق الصيني الأكبر يتمثل في سلامة الممرات البحرية ومصالح “الحزام والطريق” من إيران حتى المتوسط.
الخطاب الصيني الإعلامي يسلّط الضوء على مسؤولية الولايات المتحدة في تأجيج الصراع، دون مهاجمة إسرائيل مباشرة.

خلاصة الجدول السياسي:
الدولة المحرك الرئيسي السلوك الظاهر المصلحة الجوهرية
باكستان تجنّب الانقسام الداخلي حياد حذر احتواء التمدد الطائفي وحفظ أمن الحدود
الصين الأمن الاقتصادي والاستقرار دبلوماسية غير معلنة استمرار تدفق الطاقة ومنع التصعيد العالمي

الخلاصة: الحرب مستمرة والسياسة لا تزال في الظل
تدخل الحرب يومها العاشر وسط تشابك جبهات النار مع محاور السياسة. وبين جنيف الغربية وإسطنبول الإسلامية وصمت بكين وإسلام آباد، تبدو الدبلوماسية حائرة بين التنديد والاستنكار، دون أدوات فعلية للضغط أو الاحتواء.
ومع اتساع رقعة الاشتباك، يبقى احتمال الانفجار الإقليمي قائمًا، ما لم تتحرك القوى الكبرى بفعالية وتُترجم قلقها إلى أفعال.