إرادة إسرائيل في اغتيال الخامنئي تُبرز نواياها لزعزعة الاستقرار في المنطقة وإدخال العالم في صراع نووي.. نتنياهو: تصفيته ستحسم النزاع.. الهيمنة الإسرائيلية.. كاتس: مصيره سيتشابه مع مصير صدام.. محلل صهيوني: اغتياله لن يغير أفكاره.

إرادة إسرائيل في اغتيال الخامنئي تُبرز نواياها لزعزعة الاستقرار في المنطقة وإدخال العالم في صراع نووي.. نتنياهو: تصفيته ستحسم النزاع.. الهيمنة الإسرائيلية.. كاتس: مصيره سيتشابه مع مصير صدام.. محلل صهيوني: اغتياله لن يغير أفكاره.

الناصرة ـ “رأي اليوم” ـ من زهير أندراوس:

تنتظر إسرائيل قرار ترامب إذا كان سيهاجم إيران. لكن سيكون من الخطأ الجسيم التفكير بأنّ استخدام القوة فقط، بما في ذلك قوة الولايات المتحدة، سيؤدي إلى حلٍّ ناجعٍ لـ “المشكلة الإيرانيّة”. فاستخدام القوة سيؤدي باحتماليةٍ عاليةٍ إلى اشتعالٍ إقليميٍّ، قد يتضمن هجومًا على قواعد أمريكيّةٍ في الشرق الأوسط، وهجمات إيرانية على حقول الغاز والنفط لدول الخليج وإمكانية انضمام حزب الله إلى الهجمات ضد إسرائيل. هذا إضافة إلى ضررٍ جسيمٍ سيلحق بالجبهة الإسرائيلية الداخلية.
وفي السياق، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو بأنّ اغتيال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي سيضع حدًّا للمواجهة المسلحة الدائرة بين الخصمين اللدودين في المنطقة.
وأجاب نتنياهو حين سُئل عن تقارير أفادت بأن دونالد ترامب عارض خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي خشية أنْ تتفاقم المواجهة بالقول إنّ “هذا لن يؤدي إلى تصعيد النزاع، بل سيضع حدًّا للنزاع”.
كما اعتبر بأنّ نظرة الإيرانيين لحكومتهم قد تغيّرت، معتبرًا أنّهم رأوا أنّها “أضعف بكثير ممّا كانوا يعتقدون”، وبأنّ “تصفية خامنئي من شأنها إنهاء الصراع”.
هذا، وحذّر وزير الأمن الإسرائيليّ، المرشد الأعلى الإيراني من أنّه قد يلقى مصيرًا مماثلاً للرئيس العراقيّ السابق صدام حسين.
وقال إسرائيل كاتس في هذا الشأن: “أحذر الديكتاتور الإيرانيّ من الاستمرار في ارتكاب جرائم الحرب وإطلاق الصواريخ على المدنيين الإسرائيليين. ينبغي عليه (خامنئي) أنْ يتذكر ما حدث للديكتاتور في الدولة المجاورة لإيران (العراق) الذي سلك الطريق نفسه ضد دولة إسرائيل”. ونوه أنّ “يد إسرائيل الطويلة ستصل إلى كلّ عدوٍّ وفي كلّ مكانٍ”.

ترامب عارض خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي

من جهة أخرى، قال مسؤولٌ أمريكيٌّ كبيرٌ لوكالة الأنباء الفرنسية إنّ ترامب عارض خطةً إسرائيليّةً لاغتيال خامنئي.
وأضاف: “اكتشفنا أنّ الإسرائيليين لديهم خططًا لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني. عارضها الرئيس ترامب، وقلنا للإسرائيليين ألّا يقدموا على ذلك”.
ولدى سؤاله عن تقرير لرويترز ذكر بأنّ ترامب اعترض على الخطة الإسرائيليّة، ردّ نتنياهو بالقول: “لن أتطرق إلى ذلك الأمر”. لكنّه أشار إلى أنّه أبلغ الرئيس الأمريكي قبل شنّ الهجمات يوم الجمعة الماضية.
وفيما تتقلص الدائرة المقربة من خامنئي تدريجيًا ليصبح وحيدًا أكثر فأكثر، فإنّ سلامته الشخصية قد تكون على المحك الآن.
وبموجب نظام الحكم في إيران، فإنّه يحظى بالقيادة العليا للقوات المسلحة، وسلطة إعلان الحرب، ويمكنه تعيين أوْ عزل كبار الشخصيات بما في ذلك القادة العسكريين والقضاة.
على صلةٍ بما سلف، تساءل المستشرق الإسرائيليّ، تسفي بارئيل، في تحليلٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة هل اغتيال الخامنئي مفيد؟
وتابع: “أضافت إسرائيل هدفًا جديدًا للحرب، عبّر عنه وزير الأمن إسرائيل كاتس، الذي قال إن “ديكتاتورًا كالخامنئي لا يمكن أنْ يستمر في الوجود.” واعتبره “هتلر العصر”. وكاتس، مثله مثل عدد من الخبراء في الشأن الإيراني، الذين يفرّقون ما بين الشعب الإيرانيّ وبين قيادته، وبين الجمهور وبين الجمهورية الإسلامية.
ومن هنا، يأتي الاستنتاج أنّ اغتيال الخامنئي لا يقضي فقط على “الفكر الشيطاني”، بل يقضي أيضًا على جميع آليات السيطرة والتحكم في النظام الديكتاتوريّ في إيران، وسيمنح الشعب فرصةً لانتخاب قيادةٍ جديدةٍ يؤمل أنْ تكون ليبراليّةً وديمقراطيّةً وتحترم حقوق الإنسان، والأهم من ذلك أنْ تكون قيادة لا تسعى للحرب، ولا لتطوير أسلحة دمارٍ شاملٍ.
ومضى المستشرق قائلاً: “لكن التاريخ القريب يثبت أنّ إسقاط الحكام “الديكتاتوريين” لا يعني بالضرورة نهاية الأيديولوجيا التي حكموا وفقها. إنّ سقوط صدام حسين، والملا عمر، أو القذافي، وعلي عبد الله صالح، لم يجلب الديمقراطيّة، بل الفوضى والدمار، وأحيانًا تهديدات جديدة. حتى إنّ اغتيال أبو بكر البغدادي، أو حسن نصر الله، أوْ يحيى السنوار، لم ينهِ تنظيماتهم بالكامل”.
وشدّدّ المستشرق على أنّ “الاعتقاد أنّ اغتيال “الرأس” يزيل الخطر هو وهم تبسيطي. فلو اغتيل الخامنئي قبل عشر سنوات، هل كانت إسرائيل ستتخلى عن جهود الردع وبناء الجيش؟ هل كانت ستنجو من تهديد إيران النووي؟”.
ولفت إلى أنّ “أن التمييز بين “الشعب الإيراني” و”النظام” ليس دقيقًا دائمًا. الشعب الإيراني، مثل كل الشعوب، ليس موحدًا. وتوجد داخل النظام نفسه تيارات مختلفة. إنّ إيران دولة تخضع لنظام ثيوقراطي قاسٍ لا يمكن تغييره ديمقراطيًا. ومع أنّ كثيرين من الإيرانيين يرفضون ولاية الفقيه، ويعانون جرّاء الفقر والبطالة والقمع، إلّا إن هذا الشعب نفسه هو مَن أسقط الشاه في سنة 1979، وأتى بنظام أكثر قسوةً”.
وأكّد أنّ “استطلاعات الرأي في إيران غير دقيقة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي محدود، ويخضع للمراقبة. لكن الخطاب العام في إيران يشير إلى أنّ كثيرين من الجمهور الإيراني يكرهون النظام الذي يسيطر عليه رجال الدين، ويتوقون إلى تغييره”.
وأشار إلى أنّه “في سنة 2009، خرج الملايين إلى الشوارع، بعد التزوير الفاضح للانتخابات، لكن اليوم، لا نرى احتجاجات مشابهة على الرغم من الحرب. هذا ليس دليلاً على دعم النظام، بل هو دليل على الخوف، أو الترقب. ينتظر البعض ما ستؤول إليه الحرب، والبعض الآخر يحاول النجاة. إنّ اغتيال الخامنئي لن يكون نهاية النظام، أوْ أيديولوجيته.”
واختتم: “الأهّم من ذلك: مَنْ سيحكم إيران بعده؟ هل سيحافظ الحرس الثوري على تحالفه مع المؤسسة الدينية؟ هل سيجرؤ الشعب على الخروج إلى الشوارع لتغيير النظام؟ أم سيتذكر التاريخ الذي شكّل ذاكرته الجماعية، الانقلاب على محمد مصدق بتخطيطٍ أمريكيٍّ وبريطانيٍّ، ودعم الغرب للشاه الديكتاتور، والنتائج التي دفعها الشعب الإيراني لاحقًا”، على حدّ تعبير المستشرق الإسرائيليّ.