ترامب يجر العالم نحو الفوضى

ترامب يجر العالم نحو الفوضى

بشارة مرهج

صحيح ان ايران تنزف بغزارة جراء الهجوم الصهيوني الاجرامي المتواصل عليها بواسطة أسلحة أميركية بريطانية المانية ، لكن يسجل لها وقوفها وثباتها وتصديها للهجوم المعادي بقوة ودقة وكفاءة تسببت بخسائر كبيرة للكيان الصهيوني وسكانه الذين هالهم أن تتعرض عاصمتهم ومدنهم الى الضرب المباشر والمدمر الشبيه بالذي تتلقاه غزة منذ أوكتوبر 2023 . وقد بلغت هذه الخسائر مستويات عالية مما دعا سلطات الكيان الى التعتيم عليها ومنع أجهزة الاعلام المختلفة من تصويرها وبث الاخبار عنها خاصة فيما يعود للعالقين تحت الركام (اكثر من 36 شخصاً) والمؤسسات الحيوية ( معهد وايزمان للأبحاث ، مرفأ حيفا، وسط تل أبيب محطات الكهرباء الخ..). ولقد ثبت للعيان إن هذه السلطات انما يهمها الحفاظ على معنويات المستوطنين وجنود الاحتياط ولو كان ذلك يحبط مساعيها للظهور بمظهر الدولة الديمقراطية الحريصة على الاعتراف بالحقيقة والاعلان عنها بحرية وشفافية . الى ذلك فإن مسارعة واشنطن لإرسال حاملات طائرات ومدمرات الى المنطقة بالتزامن مع اطلاق تهديدات مبطنة وصريحة لإيران انما تشكل دليلاً اضافياً على حاجة إسرائيل لمزيد من الدعم المادي والمعنوي بوجه الصمود الإيراني الذي فاجأها سواء في الميدان أو على صعيد الجبهة السياسية الداخلية التي بقيت متماسكة ونابضة رغم الخروقات الأمنية والضربات العسكرية الموجعة.
إن واشنطن التي لم تقم يوماً بدور الوسيط وكانت دائماً مشاركة في أي هجوم إسرائيلي على العرب، منذ عام 1948 حتى اليوم، تزيد اليوم من شراكتها مع تل ابيب في حربها على ايران، وذلك على كل المستويات التي تتطلبها الحرب ، غير عابئة بردود الفعل العربية أو الإسلامية أو الدولية ، أو حتى بمكانتها في العالم،  آملةً من خلال تدخلها السافر سحق الدولة الإسلامية الإيرانية وحشر موسكو وشل يد بكين نحو البحر الأبيض المتوسط والعالم الأوروبي بغية إحياء دورها الاقتصادي المتراجع بالمقارنة مع دور الصين المتصاعد.
لكل ذلك يكشف ترامب اليوم كل أوراقه مديراً ظهره للمواقف الداخلية الأميركية ومواقف الدول الأوروبية طالباً من القيادة الإيرانية الاستسلام غير المشروط متنكراً  لوعوده وعهوده ومواقفه منتظراً من الشعب الإيراني الشقيق أن يركع أمامه في وقت يعلم فيه هذا السيد الأميركي الأبيض ، المفتون بنفسه، أن الأمم ضاربة الجذور في التاريخ ليست مستعدة  للرضوخ والاستسلام ، وانما مستعدة للمقاومة والتضحية وصولاً الى حل سلمي متوازن يتجاوب مع تطلعات شعبها  المشروعة وينسجم مع القوانين والمواثيق الدولية التي يركلها ترامب بقدميه مهدداً العالم بالفوضى والانحطاط .
وقد فات ترامب ومعه نتنياهو انهما بسياسة الإبادة الجماعية التي يتبعانها ضد أهل غزة وفلسطين وإيران انما يرتكبان خطأً فظيعاً سيرتد عليهما من مختلف شعوب وأمم الأرض التي تأبى أن تكون سلعاً رخيصة يتلاعب بها الاثنان بلا مسؤولية أو تحسب.

كاتب لبناني