عوامل جديدة ومفاجآت: الكشف عن السبب وراء “تأجيل” جمع سلاح المقاومة في مخيمات فلسطين بلبنان.. تطورات غامضة وتحذيرات من زيادة العنف.. هل عجزت خطة عباس؟

غزة – خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي:
يبدو أن ملف جمع سلاح فصائل المقاومة داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، لم يكن بالسهولة التي توقعها الجميع، وخرجت الكثير من العقبات التي تُعطل إنجازه بعد أن وضعت السلطات في رام الله وبيروت تفاءلا كبيرًا بإنجاز الخطة التي كانت مقررة مطلع الأسبوع الجاري.
ورغم أن العديد من داخل لبنان حذر من “حرب أهلية طاحنة” قد تندلع شرارتها في حال تم تنفيذ عملية جمع سلاح المقاومة دون أي توافق واضح ويرضي الجميع، إلا أن أسباب مفاجئة ظهرت عطلت عمل اللجنة التي تم تشكيلها خصيصًا لإنجاز هذا الملف الشائك والمعقد.
وأعلن مسؤول فلسطيني تأجيل موعد جمع السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطيني في لبنان، بعد أن كان مقررا خلال يونيو/ حزيران الجاري، وذلك بسبب الأوضاع الراهنة بالمنطقة.
وأوردت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” تصريحا لرئيس اللجنة العليا لمتابعة الشأن الفلسطيني بالساحة اللبنانية، قال فيه إنه نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، فقد تقرر تأجيل موعد جمع السلاح داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، دون تحديد موعد آخر.
وفي مايو/أيار الماضي، أعلن الرئيس اللبناني تشكيل لجان مشتركة لمعالجة مسألة وجود السلاح الفلسطيني في مخيمات اللاجئين التي تستضيفها بلاده، مبينا أنها ستبدأ عملها في يونيو/حزيران الجاري.
وفي 21 من نفس الشهر، اتفق عباس مع عون على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأكدا التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وزير الإعلام اللبناني بول مرقص، لم يحدد أي موعد رسمي لتسليم سلاح المخيمات في لبنان بتحريض من السلطة الفلسطينية، ما يعني تأجيل بدء تنفيذ الخطة، وقال مرقص إن رئيس الحكومة في لبنان نواف سلام جدّد طلبه للرئيس الفلسطيني محمود عباس الالتزام بتنفيذ المقررات المتعلقة بالسلاح الفلسطيني في مخيمات لبنان.
يتزامن ذلك مع الكشف عن تأجيل المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بيروت، إثر تصاعد التوترات الإقليمية، خاصة مع اندلاع المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران.
مصادر لبنانية كشفت عن أن القيادة السياسية والأمنية بلبنان، بما فيها الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، شددت على أن التأجيل لا يعني التخلي عن المشروع، بل إجراء مؤقت فرضته التطورات الإقليمية، مع تمسكها باعتبار نزع السلاح من المخيمات هدفاً وطنياً ثابتاً”.
لكن مع الاعتبارات الإقليمية، برزت أيضاً تعقيدات داخلية فلسطينية أعاقت تقدم المشروع، مع وجود انقسامات داخلية بحركة فتح – لا سيما بين مجموعات محمود عيسى الملقب بـ “اللينو” التابع لمحمد دحلان، والآخر القيادي البارز بفتح منير المقدح – عطلت التوافق داخل الحركة بلبنان، ما انعكس سلباً على سير الملف، رغم وعود قيادة السلطة الفلسطينية خلال زيارة عباس الأخيرة إلى بيروت.
تزامن ذلك مع تصريحات أمين عام جبهة النضال الشعبي أحمد مجدلاني، التي طالب فيها مجدداً إلى تسليم السلاح الفلسطيني، ما أثار موجة استياء واسعة في الوسط الفلسطيني بلبنان.
ووصفت تصريحات مجدلاني بأنها تجاوزٌ للمرجعيات الوطنية، مؤكدة أنه لا يملك أي شرعية أو صفة تخوله الحديث باسم لاجئي لبنان أو تمثيل إرادتهم، وفق ما ذكرته وسائل إعلام.
مسؤول العلاقات الفلسطينية في حركة الجهاد الإسلامي عضو هيئة العمل الفلسطيني المشترك أبو سامر موسى أكد أن ملف سلاح المخيمات لم يُطرح رسميا من أي جهة لبنانية، وبالتالي لا يمكن مناقشته بهيئة العمل المشترك.
وقال موسى في تصريح له: “نحن نركّز على تحصين أمن المخيمات وتحسين الظروف المعيشية.. حال طرح الملف رسميًا، فإن الهيئة مستعدة لبحثه بما يخدم المصلحة الوطنية، أما دون ذلك، فلن نخوض فيه”.
وكان اتفاق وقع بين الدولة اللبنانية وعباس حول ملف السلاح، لم يحظَ بإجماع فلسطيني، إذ تمّ دون تنسيق أو الرجوع لـ “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”، وهي المرجعية الوحيدة المخولة للتحدث باسم الفلسطينيين في لبنان وبحث الملفات الوطنية، وبمقدمتها ملف السلاح.
وتضم الهيئة فصائل منظمة التحرير مع فصائل المقاومة الفلسطينية خارج المنظمة، وتشكل إطاراً سياسياً معتمداً للعلاقة مع الدولة اللبنانية.
وتنصّ الخطة اللبنانية المؤجلة على البدء بتسليم السلاح من مخيمات بيروت، ثم الانتقال إلى مناطق البقاع، فالشمال، وأخيراً الجنوب، وسط تأكيد رسمي لبناني على مراقبة الفصائل الفلسطينية لـ “ضمان عدم انطلاق أي أنشطة مسلحة من الأراضي اللبنانية”.
ويبقى التساؤل.. هل تقدر الدولة اللبنانية على جمع سلاح المقاومة؟ وما هو الثمن؟ وماهي مصلحة عباس من هذه الخطة؟