مجموعة السبع تؤيد أوكرانيا في غياب ترامب

كاناناسكيس-(أ ف ب) – تركّز قمة مجموعة السبع المنعقدة في يومها الأخير الثلاثاء، على المساعدات المقدمة لأوكرانيا والتي خيّمت عليها مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئة الإثنين، للتركيز على الصراع بين إسرائيل وإيران.
والإثنين، دعا قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى “خفض التصعيد” في النزاع بين الجمهورية الإسلامية والدولة العبرية وفي الشرق الأوسط عموما، قبل أن يغادر ترامب الاجتماع بشكل مبكر، مؤكدا أن قراره “لا يتعلق” بجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين البلدين العدوين.
وبمغادرة ترامب المبكرة، أُلغي عمليا اللقاء الثنائي الذي كان مقررا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ولم تتح لقادة الدول الأوروبية الفرصة لإقناعه بضرورة تشديد العقوبات على روسيا.
ووصل زيلينسكي إلى كاناناسكيس في جبال روكي الكندية التي تستضيف القمة، في وقت تعرّضت كييف لواحدة من أعنف عمليات القصف منذ الغزو الروسي لبلاده في شباط/فبراير 2022، والتي أسفرت عن مقتل 14 شخصا على الأقل في العاصمة.
واعتبر الرئيس الأوكراني أنّ الهجوم الروسي يُظهر ضرورة تقديم دعم إضافي من حلفاء بلاده.
وقال “من المهم لجنودنا أن يكونوا أقوياء في ساحة المعركة، وأن يبقوا أقوياء حتى تصبح روسيا مستعدة لمفاوضات سلام”، مضيفا “نحن مستعدون لمفاوضات سلام، لوقف غير مشروط لإطلاق النار. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى ممارسة ضغط” على روسيا.
– “آلة الحرب الروسية” –
وفي اليوم الأخير للقمة، أعلن رئيس الحكومة الكندية مارك كارني، أنّ بلاده ستقدّم لأوكرانيا مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 1,27 مليار يورو، من بينها طائرات بدون طيار ومركبات مدرّعة.
وأكد “أهمية إظهار التضامن مع أوكرانيا” و”ممارسة أقصى قدر من الضغط على روسيا التي رفضت الجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
كذلك، أعلن كارني تقديم قرض جديد بقيمة 2,3 مليار دولار كندي لأوكرانيا، للمساعدة في إعادة بناء بنيتها التحتية.
وانضمت أوتاوا إلى لندن في تشديد العقوبات على “أسطول السفن الشبح” الروسي الذي يستخدم للالتفاف على العقوبات الدولية على مبيعاتها النفطية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إنّ “هذه العقوبات تضرب بشكل مباشر قلب آلة الحرب الخاصة بـ(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، بهدف خنق قدرته على مواصلة حربه الوحشية في أوكرانيا”.
والإثنين، لم يخف الرئيس الأميركي تشكيكه في احتمال فرض عقوبات جديدة على موسكو.
وقال “العقوبات ليست بهذه السهولة” مشددا على أن أي تدابير جديدة ستكون لها “كلفة هائلة” على الولايات المتحدة أيضا.
وفيما أسفرت ضربات روسية خلال الليل عن مقتل 14 شخصا في كييف أسفت الرئاسة الأوكرانية لعدم تلقي “رد مناسب من العالم المتمدن. لماذا؟ وكم من المواطنين والأطفال يجب أن يموتوا؟”.
– مؤشرات مبهمة –
من جهة أخرى، تعزز مغادرة الرئيس الأميركي انعدام اليقين بشأن المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران التي هيمنت على النقاشات بين قادة الدول السبع وهي المانيا والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة وفرنسا فضلا عن إيطاليا واليابان.
وقبيل مغادرة الرئيس الأميركي، أصدر قادة الدول السبع إعلانا مشتركا دعوا فيه “إلى خفض التصعيد” مؤكدين حق إسرائيل “في الدفاع عن نفسها”.
وجاء في نص الإعلان ان “إيران هي مصدر عدم الاستقرار والإرهاب الرئيسي في المنطقة … لطالما أكدنا بوضوح أن إيران لن تملك أبدا السلاح النووي”.
في هذا الإعلان المشترك، دعا قادة الدول أيضا إلى “حماية المدنيين”.
وفي مؤشر إلى الانقسامات داخل مجموعة السبع، حمل ترامب بقوة على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أخذا عليه تقديمه بطريقة “خاطئة” سبب مغادرته القمة بقوله إنه فعل ذلك للعمل على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران .
وكتب ترامب عبر منصته تروث سوشال “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المحب للدعاية الشخصية، قال خطأ إنني غادرت قمة مجموعة السبع في كندا لأعود إلى واشنطن للعمل على وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران”.
وأضاف “هذا خطأ! ليس لديه أي فكرة عن سبب عودتي إلى واشنطن، لكن بالتأكيد لا علاقة له بوقف إطلاق النار. بل أكبر من ذلك بكثير. إيمانويل يخطئ الفهم دائما. تابعوني!”.
قال ماكرون لبعض الصحافيين على هامش القمة إن “اقتراحا قدم” من جانب الأميركيين “لحصول لقاء … مع الإيرانيين”، مضيفا “إذا نجحت الولايات المتحدة في الحصول على وقف لإطلاق النار فسيكون هذا جيدا”.
ولليوم الخامس على التوالي تواصل إسرائيل وإيران تبادل القصف الصاروخي.
وكالعادة صدرت عن الرئيس الأميركي مؤشرات متضاربة.
فقد أشار الاثنين إلى أنه سيتم البحث عن “اتفاق” بشأن النزاع بين إيران وإسرائيل.
ثم كتب على شبكته “تروث سوشال” إنه “يجب على الجميع إخلاء طهران فورا”.
وفيما تسري تكهنات كثيرة حول احتمال مشاركة أميركية مباشرة في الحملة الجوية الإسرائيلية غير المسبوقة، جدد البيت الأبيض التأكيد أن القوات الأميركية تبقى “في وضعية دفاعية” في الشرق الأوسط.
– “سيدفعون” –
وكان هدف الكثير من القادة الحاضرين نزع فتيل الحرب التجارية التي يشنها دونالد ترامب منذ أن فرض رسوما جمركية بنسبة 10 % كحد أدنى على غالبية السلع المستوردة في الولايات المتحدة ويهدد بزيادتها.
غير أنّ تصريحات الرئيس الأميركي في طريق عودته إلى واشنطن، أحدثت خيبة أمل، ذلك أنّه لم يتردد في توجيه انتقادات لاذعة إلى قادة مجموعة السبع، رغم أنّ الحوارات أثناء القمة كانت ودية.
وأعرب عن أسفه لأنّ الأوروبيين “لا يقترحون اتفاقا عادلا في الوقت الحالي” لتخفيف حدة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وقال “إما أن نجد صفقة جيدة، أو أنهم سيدفعون أي مبلغ نقول لهم أن يدفعوه”.
وخلال القمة، أكد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الخطوط العريضة للتوافق التجاري الذي توصلا إليه في أيار/مايو.
من جانبهم، أكد الكنديون أن أوتاوا وواشنطن تعهدتا التوصل إلى اتفاق في غضون 30 يوما.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عبر اكس بعد لقاء مع ترامب إن فرق الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي “ستسرع وتيرة العمل من أجل التوصل إلى اتفاق (تجاري) عادل وجيد”.