د. باسم المذحجي: التهديد النووي في الشرق الأوسط.. ما الخطوة التالية؟

د. باسم المذحجي
هل نحن في زمن الجنون؟ يرتدي صناع القرار رباط عنق ماركة سارفيت، أو جاي كوس، وبدلة فاخرة ماركة سيزر أوتوليني أو جيفزأند هوكس، لكن العقول ” فارغة” مصابة بالجنون. بالفعل جنون عدم إدراك مخاطر، وعواقب تدمير منشآت نووية، فمابالنا وقد يلجأ أحد الطرفين، أو كلاهما لاستخدام قنابل قذرة أو أشعاعية.
هل من مبادرة لمكافحة الإرهاب النووي في الشرق الأوسط؟ما هو السيناريو المتوقع لو تم استهداف مفاعل نطنز “الشهيد أحمدي روشان النووي” ،أو مفاعل “ديمونا” في صحراء النقب ؟بالفعل أن خيار حرب استهداف المفاعلات النووية خيار غير منطقي ، فالدولة التي ستدمر أول مفاعل نووي نهارًا بغارات طائراتها الحربية ،وتحدث كارثة نووية ،فهي باتت الآن على يقين أنها ستتلقى رداً بضربة صاروخية مدمرة من الطرف الآخر على مفاعلها النووي خلال ساعات الليل الأخيرة …
ولكن على افتراض ضربة نووية محدودة ، فالكرة النارية والانفجار النووي سيحلق دمار بحدود البلد المستهدف وشعبه، لكن الغبار الأشعاعي لايعترف بالحدود.
-مالعواقب الاستراتيجية على الشرق الأوسط؟
مالضرر النووي الجغرافي؟
أن اليورانيوم المنضب هو عبارة عن غبار ينتشر في الهواء، ويسقط على الأشجار، والمياه السطحية ،وعلى التربة ،وينتشر بالرياح ،وبسبب الغبار الأشعاعي ستتحول إيران وإسرائيل دول غير صالحة للعيش، وأخرى دول مجاورة في مهب كارثة الإشعاع النووي.
في الملخص، هذا ما يحدث مع قنبلة الشرق الأوسط النووية ،وخلال دقائق العشرة الأولى حول مكان تفجير المفاعلات في دائرة نصف قطرها كيلومتر واحد من التفجير النووي ف الجميع سيموتون،وفي دائرة نصف قطرها 7 كيلومترات من التفجير النووي وفيات واسعة 75 بالمائة،وفي دائرة نصف قطرها 13 كيلومترًا من التفجير النووي ستحدث حروق من الدرجة الثالثة ،ووفيات 50 بالمائة،وفي دائرة نصف قطرها 21 كيلومترا من التفجير النووي إصابات عديدة وفيات 25 بالمائة.ثم إطلاق كميات من الغازات المشعة، مثل نظائر المشعة (السيزيوم -137 الكريبتون-85 واليود-131)، إلى الهواء، أو تسريب مياه ملوثة إشعاعيًا إلى التربة والمياه الجوفية.كماأنه عندما تُضرب منشآت تحول اليورانيوم الخام إلى غاز سادس فلوريد اليورانيوم وهو مركب شديد السمية كيميائيًا ونوويًا ستتحرك الغازات والمواد المشعة في الجو ،والتربة، والمياه، ومع الرياح الى دول الجوار.
-الحرب الإسرائيلية الإيرانية: ماذا عن المسؤولية القانونية الدولية؟
يمكن تقسيم محاور الاهتمام الدولي بتنظيم قضايا التفجيرات النووية إلى ثلاث مراحل أساسية :
المرحلة الأولى: تبدأ من تاريخ إلقاء القنبلة النووية على هيروشيما إلى تاريخ حادثة تشرنوبيل ،و تركز فيها الاهتمام على قضايا السلاح النووي ، و إرساء قواعد المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية.
المرحلة الثانية: تبدأ من حادثة تشرنوبيل لتمتد إلى أحداث 11 سبتمبر 2001 ،حيث حازت مسائل الحمايــــة و الأمان النووي قسطا وافرًا من الاهتمام الدولي، و تم التوصل إلى عدد من الاتفاقيات و الصكوك الدولية في مجالات أمان المفاعلات النووية، و أمان النقل و التخزين للمواد النووية،و أمان التصرف في النفايات النووية.
المرحلة الثالثة: تبدأ مع أحداث هجوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 الإرهابي ،و بروز تحديات جديدة أمام المجتمع الدولي دفعت للبحث عن سبل مواجهة الإرهاب النووي،و التعاون الدولي للتحكم في اليورانيوم عالي التخصيب من خلال محاولات تدويل دورة الوقود النووي.
المرحلة الرابعة مفاوضات البرنامج النووي وإعلان سعد أباد ،ثم إيران ودول مجموعة( 5+1)،ثم مسقط الأمس الناجحة، لكنها اليوم وصلت الى طريق مسدود.
لقد كان إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1957 حدثًا ، تمثلت في السعي لوقف سباق التسلح النووي، ومنع انتشار الأسلحة النووية من جهة، و تقديم المساعدة للدول من أجل تسخير المفاعلات النووية في المجالات السلمية ، و توجت جهودها بالتوصل لعديد المعاهدات الدولية و الإقليمية تتعلق بمجالات وقف التسلح النووي و الاقتصار على الاستخدام السلمي للطاقة . لعل أبرزهاالاتفاقية المتعلقة بالمسؤولية عن الأضرار النووية مثل(اتفاقية فيينا) عام 1963،المبرمة برعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن في نهاية الأمر عام 1996، خلصت محكمة العدل الدولية إلى أن استخدام الأسلحة النووية سيكون معارضًا بصورة عامة لمبادئ القانون الدولي الإنساني وقواعده، وقررت أيضًا أن الدول ملزمة بمواصلة واختتام المفاوضات الرامية إلى نزع السلاح النووي.
ولكل ماسبق ؛ ماذا عن الشرق الأوسط يومنا هذا؟
الخلاصة الشرق الأوسط في مهب إرهاب الريح النووي.
*باحث استراتيجي يمني.