النظام الرقمي المغربي للمساعدات الاجتماعية: خوارزميات تهميش بدلاً من العدالة

في تقرير حديث أصدره مركز كارنيغي للسلام الدولي، تم توجيه انتقادات حادة للنظام الرقمي للدعم الاجتماعي في المغرب، متحدثاً عما سماه بـ”الفخ الرقمي” الذي أوقع الآلاف من الأسر الفقيرة والمحتاجة خارج مظلة الدعم الحكومي.
ورغم إقرار التقرير بأن التحول الرقمي ساهم في الحد من التلاعب وترشيد الإنفاق العمومي، إلا أنه أشار إلى أن البيانات الرقمية المستخدمة لا تعكس بالضرورة الظروف المعيشية الفعلية للأسر.
ويُعزى ذلك بالأساس إلى ضعف التغطية المصرفية في البلاد واعتماد النظام على مؤشرات قد تكون بعيدة عن الواقع اليومي للمواطنين.
وحذر التقرير من أن الخوارزميات المعتمدة في السجل الاجتماعي الموحد تستند إلى معايير صارمة وغير دقيقة، تؤدي تلقائياً إلى استبعاد العديد من الأسر المستحقة.
فعلى سبيل المثال، قد يُحرم رب أسرة من الدعم فقط لأنه اشترى قنينة غاز كبيرة أو دراجة نارية، أو لأن فاتورة هاتفه المحمول تجاوزت 20 درهماً، ما يرفع مؤشره الاجتماعي فوق العتبة المقررة (9.74) ويحرمه من الدعم المباشر.
الأمر لا يقتصر على المساعدات المالية، إذ تنعكس هذه المعايير الرقمية أيضاً على التغطية الصحية، حيث يُطلب من الأسر التي يتجاوز مؤشرها 9.32 أداء اشتراكات، رغم أن 92% منها تُصنف ضمن الفئات الهشة.
الأكثر إثارة للقلق، بحسب التقرير، هو أن النظام الرقمي الحالي يقوم على منطق “إما كل شيء أو لا شيء”، ما يعني أن أي أسرة تُحرم من الدعم النقدي المباشر يتم إقصاؤها آلياً من جميع أشكال المساعدات الأخرى، بما فيها منح التلاميذ والطلبة والمساعدات الغذائية التي تشرف عليها مؤسسة محمد الخامس للتضامن.
وختم التقرير بتوصية أساسية: ضرورة مراجعة النظام الرقمي للدعم الاجتماعي، وإعادة النظر في المؤشرات الرقمية الصارمة، بهدف تجنب هذا الإقصاء التعسفي وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الفعليين عبر نهج أكثر إنسانية وعدلاً.