استيراد الديزل المغربي إلى إسبانيا يكشف عن شبكات لإعادة تصدير الوقود الروسي رغم العقوبات

شهدت السوق الإسبانية قفزة غير متوقعة في واردات الديزل من المغرب خلال شهري مارس وأبريل 2025، حيث تجاوزت الكمية المستوردة 123 ألف طن، متجاوزة بذلك إجمالي ما تم استيراده خلال الأربع سنوات الماضية مجتمعة، بحسب بيانات مؤسسة “CORES” الإسبانية التابعة لوزارة الانتقال البيئي.
هذا الارتفاع اللافت أثار تساؤلات واسعة في الأوساط الأوروبية حول مصدر هذا الوقود، خاصة مع وجود تقارير تفيد باحتمالية احتوائه على مشتقات نفطية روسية، رغم العقوبات الأوروبية الصارمة المفروضة على موسكو منذ 2023 جراء الصراع في أوكرانيا.
وتشير بيانات منصات تتبع حركة السفن التجارية، مثل “Vortexa”، إلى أن المغرب استورد خلال النصف الأول من عام 2025 أكثر من مليون طن من الديزل الروسي، ما يمثل نحو 25% من إجمالي وارداته من هذا النوع من الوقود.
ويُذكر أن المغرب لا يملك مصافي نفط عاملة منذ 2016، مما يثير فرضية قيام عمليات إعادة تعبئة أو خلط الوقود داخل خزانات التخزين قبل إعادة تصديره، الأمر الذي يصعب معه تحديد منشأ الوقود بدقة.
ويشرح خبراء في قطاع الطاقة ظاهرة يُطلق عليها “التحايل عبر الأطراف الثالثة”، والتي تقوم على شراء المنتجات النفطية من دول خاضعة للعقوبات مثل روسيا وسوريا وإيران، ثم إعادة تعبئتها أو منحها أوراق منشأ جديدة في دول وسيطة مثل المغرب أو تركيا قبل تصديرها إلى الأسواق الأوروبية.
وتخضع هذه الممارسات منذ عام 2023 لتحقيقات من قبل السلطات الإسبانية، إلا أن إثبات منشأ الديزل يظل تحديًا كبيرًا، لا سيما مقارنة بمنتجات النفط الخام.
وفي إطار مواجهة هذه الظاهرة، أطلقت السلطات الإسبانية، بما فيها مكتب مكافحة الغش الوطني وهيئات المنافسة، تحقيقات واسعة في ما وُصفته وسائل الإعلام الإسبانية بـ”شبكة ديزل غير شرعي” تصل قيمتها إلى نحو 1.9 مليار يورو.
تشمل هذه الشبكة توريدات من دول مثل روسيا وسوريا تم تغيير منشئها لتفادي العقوبات الأوروبية، مع وجود تقارير تربط بعض الشركات المتورطة بموردين مغاربة بسبب الأسعار التفضيلية المرتبطة بالمصدر الروسي.
وأعرب كبار المسؤولين في قطاع الطاقة الإسباني عن قلقهم البالغ من هذه التطورات، معتبرين أنها تخلق منافسة غير عادلة وتؤثر سلبًا على قدرة المصافي المحلية على المنافسة.
وأكد خوسيه جون إيماز، المدير التنفيذي لشركة “ريبسول”، أن دخول ديزل ذي منشأ روسي إلى السوق الأوروبية عبر دول وسيطة مثل الهند وتركيا والمغرب يضعف من تنافسية المصافي الإسبانية، خصوصًا في ظل التزامها بخطط التحول الطاقي وخفض الانبعاثات.