هل تتراجع سيطرة الدولار؟ سياسات ترامب تثير القلق بشأن مستقبل العملة الأمريكية

شهد مؤشر الدولار تراجعًا كبيرًا خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، مع تآكل ثقة المستثمرين بالعملة الأمريكية وسط سياسات اقتصادية أثارت القلق وأضعفت مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية.
فعند تولي ترامب الرئاسة في 20 يناير، سجل مؤشر الدولار 109.35 نقطة، لكنه تراجع تدريجيًا إلى 103.81 نقطة بحلول 2 أبريل مع فرض أولى التعريفات الجمركية المتبادلة، قبل أن ينخفض أكثر ليصل إلى ما دون 97 نقطة بحلول 30 يونيو، مسجلاً خسائر تفوق 10% منذ بداية العام.
السياسات التي اتبعها ترامب، رغم تصريحاته بالحفاظ على الدور الدولي للدولار، شملت فرض رسوم جمركية أثرت سلبًا على شركاء الولايات المتحدة التجاريين، مما زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق. ودفعت هذه الرسوم، بالإضافة إلى مخاوف من تباطؤ النمو وارتفاع التضخم، إلى تراجع ثقة المستثمرين بالعملة الأمريكية.
إلى جانب ذلك، أثارت الانتقادات المتكررة التي وجهها ترامب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” تساؤلات حول استقلالية البنك المركزي، ما جعل الدولار أمام مفترق طرق مع توقعات بمزيد من الضعف إذا استمر هذا الوضع.
في ظل هذه الأجواء، تفوق الذهب على اليورو كثاني أهم أصل احتياطي لدى البنوك المركزية، حيث شكّل 20% من الاحتياطات العالمية في 2024، بينما بلغت حصة اليورو 16%، والدولار لا يزال في الصدارة بحصة 46%.
ورغم ضعف الدولار، لا يبدو أن هناك عملة بديلة قادرة على الإحلال مكانه في الوقت الراهن. فاليورو يعاني من أزمات سياسية واقتصادية، والين الياباني يواجه تحديات ديموغرافية، واليوان الصيني يظل مقيدًا بضوابط مالية صارمة تحد من استخدامه دوليًا.
هل سياسات “ترامب” تفسح المجال أمام عملات أخرى لتحدي هيمنة العملة الأمريكية؟
المسؤول
التوضيح
مورجان ستانلي
توقع البنك في بداية يونيو تراجع الدولار لمستويات لم يشهدها منذ جائحة “كوفيد-19” بحلول منتصف العام المقبل.
وأدرج اليورو والين ضمن أكبر الرابحين من انخفاض الدولار إلى جانب الفرنك السويسري.
صمويل زيف رئيس استراتيجية الصرف الأجنبي العالمية لدى “جيه بي مورجان”
يرى أنه لا توجد عملة أو أصل آخر يضاهي الدولار من حيث دوره في احتياطات النقد الأجنبي وتسوية التجارة الدولية وتداول الأسواق المالية.
“لاجارد” رئيسة المركزي الأوروبي
دعت “لاجارد” لتعزيز مكانة اليورو العالمية، واغتنام الفرصة مع تقويض سياسات “ترامب” للثقة في الدولار.
“فيليب ليغران” الزميل في المعهد الأوروبي بكلية لندن للاقتصاد
أوضح أن تصرفات “ترامب” خلقت فرصة غير مسبوقة للاتحاد الأوروبي، عن طريق دفع المستثمرين للبحث عن بدائل آمنة للسندات الأمريكية، وأن إصدار السندات الأوروبية المقومة باليورو بصورة كبيرة يعزز اقتصاد المنطقة وأمنها واستقلاليتها في صنع السياسات.
“هيلين ري” من كلية لندن للأعمال
ترى أن على منطقة اليورو اغتنام الفرصة الحالية لرفع مكانة اليورو الدولية، وانتزاع بعض الامتياز الذي تمتعت به الولايات المتحدة لفترة طويلة، ويبدو أن “ترامب” يبدده الآن.
ديانا تشويليفا” الباحثة في الاقتصاد الصيني بمعهد سياسات آسيا
الرسوم المتبادلة التي فرضها “ترامب” على الحلفاء والخصوم على حد سواء تمثل خطوة إضافية في عملية تقليص دور الدولار كعملة احتياطية عالمية.
وأن وضع الدولار يتعرض للتهديد بسبب إحجام الدول الأخرى منها الصين عن الاعتماد الكامل على العملة الأمريكية، إلى جانب تنامي دور العملات الرقمية والمستقرة وأنظمة الدفع العالمية البديلة وسوء الإدارة الاقتصادية في واشنطن.
وقد فسّر محللون هذا التراجع بأنه قد يكون متعمداً من إدارة ترامب لتعزيز قطاع التصنيع عبر تخفيض قيمة العملة، لكن هذه السياسة تحمل مخاطرة عالية، إذ تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على التمويل الأجنبي، مما يجعل أي ضعف مفاجئ للدولار خطيرًا على الاقتصاد.
في النهاية، وعلى الرغم من تهديدات ترامب بمعاقبة الدول التي تبحث عن بدائل للدولار، فإن سياساته الاقتصادية تضعف الثقة بالعملة الأمريكية. يبقى السؤال مطروحًا: هل ستفتح هذه التطورات الباب أمام عملات أخرى لتقاسم الهيمنة العالمية؟