غارات وإختراقات وتفتيشات للمنازل.. ما هي أنشطة إسرائيل في جنوب سوريا؟

كشفت وسائل إعلام سورية عن توغّل قوّة من جيش إسرائيل سيرًا على الأقدام داخل قرية معرية الواقعة في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي جنوب سوريا، مساء الأحد-الإثنين، حيث نفّذت عمليات تفتيش لعدد من المنازل قبل أن تنسحب باتجاه الطريق الرابط بين معرية وبلدة عابدين.
ووفق ما نقله “تجمع أحرار حوران” فإن العملية لم تستغرق وقتًا طويلًا، لكنها تزامنت مع تحليق مكثّف للطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع الإسرائيلية في أجواء محافظة درعا، ما يوحي بأنها جزء من خطة عسكرية أوسع تشمل المراقبة الجوية والتوغلات البرية المباشرة.
جنوب سوريا تحت الضغط إسرائيل
تتكرّر بين الحين والآخر عمليات توغل إسرائيلية داخل الأراضي السورية، خاصة في ريفي القنيطرة ودرعا، وتشمل الانتهاكات تجريف الأراضي الزراعية، تدمير الآبار، مصادرة المواشي، واعتقال المدنيين من سكان المناطق الحدودية، ما يضيف أبعادًا إنسانية واقتصادية إلى الطابع العسكري لهذه الانتهاكات.
في السياق ذاته، يواجه أهالي قرى كودنة و11 بلدة مجاورة في ريف القنيطرة الجنوبي أزمة مياه حادّة، بعد تخريب متعمد لمصادر المياه من قبل قوات الاحتلال، ما دفع السكان إلى توجيه نداء استغاثة عاجل إلى المنظمات الدولية للتدخل.
الأزمة تفاقمت منذ أن سيطرت القوات الإسرائيلية في 8 نوفمبر 2024 على تل أحمر غربي القريب من كودنة، حيث تقع محطة ضخ المياه الرئيسية.
كما أقدمت إسرائيل قبل أيام على إطلاق النار على ألواح الطاقة الشمسية المغذّية لبئر ماء، ما أدى إلى انقطاع المياه عن مناطق واسعة.
تصعيد عسكري إسرائيلي مفتوح
منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر عام 2024، تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية بشكل غير مسبوق. فإلى جانب الضربات الجوية التي استهدفت مواقع عسكرية في دمشق وريفها واللاذقية، كثّفت تل أبيب من عمليات التوغل البري، لا سيما في المناطق الجنوبية المحاذية للجولان السوري المحتل.
ويبدو أن الفراغ السياسي والعسكري الذي خلفه انهيار النظام السابق منح إسرائيل مساحة مناورة واسعة لإعادة رسم معادلات التوازن في الجنوب السوري. فقد تمكّنت من السيطرة الميدانية على المنطقة العازلة الممتدة على طول خط الفصل في الجولان، وأعادت تعريف قواعد الاشتباك بعيدًا عن اتفاقية فضّ الاشتباك الموقعة عام 1974..
مفاوضات بين سوريا وإسرائيل
التصعيد الإسرائيلي يأتي في وقت سياسي حساس، حيث كشفت القيادة السورية الجديدة، ممثلة بالرئيس الانتقالي أحمد الشرع، عن وجود مفاوضات غير مباشرة تُجرى مع إسرائيل عبر وسطاء دوليين.
وفي تصريح رسمي له بتاريخ 7 مايو 2025، قال الشرع إن بلاده منفتحة على الحوار، لكنه شدد على أن “إسرائيل يجب أن توقف تدخلها في الشأن السوري”، مشيرًا إلى أن تلك العمليات تشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن الإقليمي.
لكن تل أبيب، بحسب متابعين، تواصل فرض وقائع ميدانية على الأرض، غير آبهة بالتصريحات الرسمية، ولا حتى بمسار التهدئة الدبلوماسي، في مشهد يُعيد إلى الأذهان سيناريوهات ما قبل اندلاع الحرب السورية.
ما هدف إسرائيل من الجنوب السوري؟
يتفق مراقبون على أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة ليست فقط ردود فعل أمنية، بل تعبّر عن استراتيجية توسعية متعددة الأوجه. فإسرائيل تسعى على ما يبدو إلى فرض طوق أمني عازل من جهة الجنوب السوري لمنع أي تهديدات مستقبلية.
وتجفيف الحضور العسكري لحلفاء دمشق، خاصة المجموعات القريبة من إيران.
كما تريد الضغط على الحكومة السورية الجديدة قبل أي ترتيبات دولية نهائية لمستقبل البلاد واستغلال حالة الفوضى والانهيار الإداري بعد سقوط النظام السابق لتوسيع دائرة النفوذ.
إسرائيل وسوريا بين التصعيد والتهدئة
بحسب تقارير ففي ظل الصمت الدولي، والانشغال الإقليمي، لا يبدو أن تل أبيب ستتراجع عن استراتيجيتها في الجنوب السوري. فالوقائع العسكرية على الأرض تتحدث عن تغيير فعلي في ميزان السيطرة والردع، فيما تبقى خيارات دمشق محصورة بين الدخول في مواجهة مفتوحة أو تقديم تنازلات في مفاوضات غير متكافئة.
ومع استمرار الغارات الجوية والتوغلات البرية، يبدو أن إسرائيل تسعى لرسم حدود جديدة بالنار، في انتظار اعتراف دولي بواقع لم يعد مجرد خرق عابر، بل احتلال متجدد بلباس أمني وعسكري متعدد الذرائع.
اقرا أيضا
دولة فلسطينية في فرنسا.. هل تنقلب واشنطن على ماكرون بسبب إسرائيل؟