حديثها الساحر المباح

حديثها الساحر المباح

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الجنة ونعيمها، ونعيم الجنة صنعه الله تعالى بيده، وما أروع ما قاله ابن القيم رحمه الله في وصف نعيم الجنة، فقال في كتاب ” حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ” وإن سألت عن حسن العشرة، ولذة ما هنالك فهن العروب المتحببات إلى الأزواج، بلطافة التبعل، التي تمتزج بالزوج أي إمتزاج، فما ظنك بإمرأة إذا ضحكت بوجه زوجها أضاءة الجنة من ضحكها، وإذا إنتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقل في بروج فلكها، وإذا حاضرت زوجها فياحسن تلك المحاضرة، وإن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة والمخاصرة.

 

وحديثها السحر الحلال لو أنه لم يجن قتل المسلم المتحرز، إن طال لم يملي وإن هي أوجزت، ود المحدث أنها لم توجز، وإن غنت فيا لذت الأبصار والأسماع، وإن آنست وأنفعت فيا حبذا تلك المؤانسة والإمتاع، وإن قبلت فلا شيء أشهى إليه من ذلك التقبيل، وإن نولت فلا ألذ ولا أطيب من ذلك التنويل، هذا وإن سألت عن يوم المزيد، وزيارة العزيز الحميد، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه، كما ترى الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البدر، كما تواتر النقل فيه عن الصادق المصدوق، وذلك موجود في الصحاح، والسنن المسانيد، ومن رواية جرير، وصهيب، وأنس، وأبي هريرة، وأبي موسى، وأبي سعيد، فاستمع يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم فحيى على زيارته، فيقولون سمعا وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين.

 

فإذا بالنجائب قد أعدت لهم، فيستوون على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعدا، وجمعوا هناك، فلم يغادر الداعي منهم أحدا، أمر الرب سبحانه وتعالى بكرسيه فنصب هناك، ثم نصبت لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، وجلس أدناهم، وحاشاهم أن يكون بينهم دنيء، على كثبان المسك، ما يرون أصحاب الكراسي فوقهم العطايا، حتى إذا استقرت بهم مجالسهم، واطمأنت بهم أماكنهم، نادى المنادي يا أهل الجنة سلام عليكم، فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام، فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول يا أهل الجنة فيكون أول ما يسمعون من تعالى، أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني.

 

فهذا يوم المزيد، فيجتمعون على كلمة واحدة أن قد رضينا، فارض عنا، فيقول يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هذا يوم المزيد، فسلوني فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليه، فيكشف الرب جل جلاله الحجب، ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله سبحانه وتعالى قضى ألا يحترقوا لاحترقوا، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة، حتى إنه يقول يا فلان، أتذكر يوم فعلت كذا وكذا، يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول يا رب ألم تغفر لي؟ فيقول بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه، فيا لذت الأسماع بتلك المحاضرة، ويا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة، ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة، فيقول تعالي في سورة القيامة ” وجوه يومئذ ناضرة إلي بها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة “

ظهرت المقالة حديثها السحر الحلال  أولاً على جريدة الصوت المصرية.