الأيام تفرش الساعات والساعات تفرش الأنفاس

الأيام تفرش الساعات والساعات تفرش الأنفاس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله، الحمد لله الذي حث عباده على الإعتصام بالكتاب والسنّة، أحمده سبحانه وأشكره ذو الفضل والمنّة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أعاذ عباده من شر الناس والجنّة، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله قائد المؤمنين ودليل الملة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه في السراء والملمّة أما بعد يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ” إني لأمقت الرجل أن يكون فارغا لا هو في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة” فبالله عليك أين أنت يا أخي؟ وهل أنت في عمل الدنيا أم في عمل الآخرة ؟ فالقبر عبارة عن ليلة طويلة جدا والصباح التالي لها يوم القيامة، فإذا سأل كل واحد منا نفسه لماذا أكره القبر؟ فإنه يقول لأني إقترفت آثام وذنوب أخاف منها، فما هو المانع أن نستبدل المعاصي والسيئات بالحسنات لنملأ بها صندوق القبر.

إلي أن أذهب إليه فأجده جميلا وليس مخيفا؟ ويقول بعض السلف “أنذرتكم سوف” أي أن سوف ستضيعكم وتضيع وقتكم فإغتنموا الفرصة من الآن، وهذا هو داوود الطائي عندما كان يأكل كان يستف الفتيت أي يطحن الخبز ويسفه بسرعة، لأنه كان يقول ” بين سف الفتيت وأكل خبز مقدار قراءة خمسين آية ” فيا أيها الأخوة الأحباب أهل الجنة ولا أقول أهل النار، لا يتحسرون إلا علي ساعة مضت من غير ذكر الله تعالي، فبالله عليكم إن ضياع الوقت تعطيل لإقتصاد أمة، وحياة أمة بالكامل، والأقصي سجين تحت براثن الصهاينة ونحن نضيع الوقت فيما لا يعود علي الأمة بالنفع فهذا هو عثمان الباقلاوي كان دائم الذكر لله سبحانه وتعالي يقول ” إني وقت الإفطار أشعر بطلوع روحي فإني فى هذا الوقت بعيد عن العلم والذكر لانشغالي بالأكل “

وهذا هو طالب العلم محمد بن سلام البيكندي كان يكتب خلف شيخه وفجأة إنكسر القلم الذى يكتب به، فوقف وقال ” من يبيع قلما بدينار ؟ فتطايرت الأقلام عليه وقالوا له يرحمك الله يابن سلام الدينار يشتري لك مائة قلم هل عقلك أصابه شيء؟ فقال لهم ” إني لا أشتري القلم بالدينار، أنا أشتري الوقت” وهذا هو الشيخ ابن الجوزي رحمه الله يقوم بتعليم ابنه فيقول له ” اعلم بنيّ أن الأيام تبسط ساعات والساعات تبسط أنفاس وكل نفس خزانة فإحذر أن يذهب نفس بغير شيء فتري في القيامة خزانة فارغة فتندم، وانظر كل ساعة من ساعاتك تمر عليك بماذا تذهب ؟ فلا تودعها إلا إلي أشرف الأماكن، ولا تهمل نفسك وعودها أشرف ما يكون من العمل وأحسنه وابعث إلي صندوق قبرك ما يسرك، أي أنك تتنفس وقت دقيقة بعد دقيقة فتمر ساعة ويمر اليوم ثم الأسبوع.

فالشهر فالسنة وهكذا، وكأن الله يعطيك كل يوم خزانة تدخر فيها للآخرة، فهل تحب أن تجد فيها يوم القيامة اللهو وضياع الوقت ؟ ستندم وتسخط علي نفسك، والساعة التي تمر كإنها تموت من عمرك والميت نكفنه ونكرمه حتى نضعه في قبره وكذلك يجب أن نكرم الساعة التي تمر ونجعلها تمر علي أشياء نافعة ترضي الله، هذا وصلوا علي سيدنا حبيبنا محمد حيث قال صلى الله عليه وسلم “من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا” اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وأبي الحسنين علي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.