محمد كريم: تواجدي في مصر عزيز علي، ولكن عقودي في هوليوود تتطلب التزامي.

محمد كريم: تواجدي في مصر عزيز علي، ولكن عقودي في هوليوود تتطلب التزامي.

الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر

في ظهور خاص طال انتظاره، خطف النجم العالمي محمد كريم الأضواء خلال استضافته على القناة الأولى المصرية، في لقاء كشف فيه عن كواليس تجربته الفريدة في هوليوود، وتحدث بصراحة عن أسباب ابتعاده عن مواقع التواصل الاجتماعي، في مشهد إعلامي استثنائي جعله يتصدر التريند العالمي، ويعيد ترسيخ مكانته كنجم عربي استطاع أن يحجز مقعدًا ثابتًا له في قلب السينما الأمريكية.

ابتعاد محسوب من أجل الحضور الأقوى

في مستهل حديثه، أوضح محمد كريم أن غيابه النسبي عن مواقع التواصل الاجتماعي ليس اعتباطيًا، بل نابع من وعي فني وحرفية عالية، قائلاً: “أنا مقل عن السوشيال ميديا لأني مركز في شغلي، وعايز أعمل حاجة كويسة، وعارف إن شغلي بياخد وقت كبير، ومينفعش أتكلم عن شغلي وطول الوقت بسمع أسماء كبيرة راحت منها أفلام لأنهم اتكلموا من غير ما يقصدوا، فأنا حريص جدًا.”

وأضاف بنبرة واثقة: “أنا خلاص دخلت في منظومة السينما هناك، فلازم أعمل حاجة يكونوا فاهمينها، وأنا بكتب منشورات يكون الوطن العربي والغرب فاهمينها، الوطن العربي يهمني جدًا ودايمًا متابعين.”

هوليوود من الداخل: محمد كريم وفلسفة اختياراته

وتحدث محمد كريم باستفاضة عن خصوصية تجربته في هوليوود، معتبرًا أن نجاحه الأكبر لم يكن فقط في الوقوف أمام الكاميرا، بل في كسر الصورة النمطية التي غالبًا ما تلاحق الممثلين العرب في الغرب.

وعن ذلك قال: “أول حاجة نجحت بيها في الفيلم ده إني أثبت إني أقدر أعمل أفلام وأدوار ملهاش علاقة خالص إني مصري أو عربي، وده نجاح بأكد عليه للمرة السابعة، الحمد لله.”

ولم يكن هذا التوجه وليد الصدفة، بل قرارًا استراتيجيًا اتخذه منذ بداية مسيرته الدولية، حيث أشار: “لو كنت عملت أدوار نمطية من البداية مكنتش هعرف أخرج منها، وكنت هتحبس في دور العربي وخلاص.”

وهنا تكمن فرادة محمد كريم، فهو لم يسعَ لأن يكون “الممثل العربي في هوليوود”، بل ممثلًا عالميًا قادرًا على تقديم أي دور، أيًا كانت خلفيته.

The Gunslingers: مفتاح التميز في السينما الأمريكية

وجاء حديثه الأبرز عن فيلمه الأخير The Gunslingers، والذي وصفه بأنه إحدى المحطات الأساسية التي لطالما حلم بتحقيقها، قائلاً: “الفيلم ده من ضمن الحاجات الأساسية اللي في حياتي كنت عايز أحققها في هوليوود، لأنه حاجة أمريكية صميمة جدًا، وإني أنجح فيها دي حاجة كبيرة جدًا، وساعدتني كتير هناك.”

وكشف محمد كريم أن التجاوب مع هذا العمل كان مختلفًا تمامًا عما اعتاده في تجاربه السابقة، مضيفًا: “لما الفيلم نزل في هوليوود حسيت إن النجاح مختلف عن الأفلام اللي عملتها قبل كده.”

لقد استطاع كريم من خلال هذا الفيلم أن يتجاوز الحواجز الثقافية واللغوية، وأن يثبت لنفسه وللعالم أنه لا يُقاس الممثل بجنسيته، بل بقدرته على تجسيد الروح الإنسانية في أي شخصية.

الاحترافية خارج الكاميرا: العقود، الالتزام، والرؤية الطويلة الأمد

وخلال ندوته التي أقيمت عبر منصة صحفية ، سلط محمد كريم الضوء على الأسباب التي تحول دون وجوده الدائم في مصر، موضحًا: “الفكرة كلها إن عندي فريق برا بيدير شغلي كله، وعندي عقود تمثيل لازم أخلصها في مواعيد معينة، الدنيا برا بتبقى مرتبة وواضحة.”

وتابع: “أنا حابب جدًا أكون موجود في مصر، ولكن عندي عقود متفق عليها، يعني ببقى عارف كمان سنة هيبقى عندي عمل إيه.”

هذا التصريح يكشف عن مدى انضباط محمد كريم المهني، والتزامه القاطع بمنظومة العمل في هوليوود، حيث تُدار الأمور بدقة متناهية وتخطيط مسبق، لا يترك مجالًا للعشوائية أو التشتت.

بين الشرق والغرب: هوية فنية مزدوجة وولاء لا يتجزأ

ورغم انشغالاته المتعددة، لم ينس محمد كريم جمهوره العربي، مؤكدًا: “أنا بكتب منشورات يكون هنا وهناك فاهمينها، الوطن العربي يهمني جدًا ودايمًا متابعين.”

هذا التصريح يعكس رغبة صادقة لدى الفنان في أن يظل حاضرًا في وجدان جماهيره بالوطن العربي، دون أن يتنازل عن تطلعاته العالمية، وهو توازن صعب لا يجيده سوى الممثلين الذين يحملون في داخلهم رؤية فنية واضحة وهوية إنسانية لا تنفصل عن جذورهم.

رسالة محمد كريم: هوليوود ليست حلمًا بعيدًا بل هدفًا ممكنًا

رسالة محمد كريم من خلال ظهوره الأخير لا تقتصر على الإشادة بما أنجزه، بل تتجاوز ذلك لتمنح الأمل لجيل جديد من الفنانين العرب الطامحين للعالمية، مفادها: أن الوصول إلى هوليوود لا يتحقق بالمصادفة، بل بالعمل الدؤوب، والاختيارات الذكية، والإيمان العميق بالنفس.

في زمن يسعى فيه كثيرون إلى الانتشار عبر “الضجيج الإلكتروني”، اختار محمد كريم أن يتحدث بلغة العمل، وأن يجعل من كل دور يؤديه شهادة جديدة على أن الفنان العربي قادر على المنافسة عالميًا، شرط أن يخلع عباءة التكرار، ويلبس ثوب الإبداع الخالص.

وهكذا، لم يكن ظهوره على القناة الأولى المصرية مجرد لقاء إعلامي، بل لحظة تواصل فني وثقافي تلامس قلوب المشاهدين، وتعيد التأكيد على أن محمد كريم لم يعد فقط نجمًا مصريًا في هوليوود، بل صوتًا عربيًا عالميًا يتحدث بلغة الفن الأصيل والتجربة الحقيقية.