قصر عبد المجيد باشا سيف النصر: رائع فني على ضفاف الزمن

قصر عبد المجيد باشا سيف النصر: رائع فني على ضفاف الزمن

بقلم – نيفين صلاح

في قلب مدينة ملوي بمحافظة المنيا، يقف قصر عبد المجيد باشا سيف النصر شامخًا، شاهدًا على زمن ذهبي من الفن المعماري والدقة الحرفية، وزمن كانت فيه المباني تُشيَّد لتُخلَّد. شيّد القصر عام 1914، ليصبح واحدًا من أبرز المعالم التاريخية في صعيد مصر، بل ومن القصور القليلة التي ظلت محافظة على رونقها حتى اليوم.

ينتمي عبد المجيد باشا إلى عائلة سيف النصر، وهي إحدى العائلات العريقة التي تركت بصمة واضحة في الحياة السياسية والاجتماعية في مصر مطلع القرن العشرين. وقد تولّى الباشا عضوية مجلس الأمة، وكان من رموز الإصلاح والمشاركة المجتمعية في محافظة المنيا، ولا سيما في مدينة ملوي.

اختار الباشا أن يُقيم قصره على مساحة تقترب من 2500 متر مربع، وسط تخطيط عمراني فريد، يتوسطه مبنى القصر الفخم الذي بُني على الطراز الكلاسيكي الأوروبي، مع لمسات شرقية واضحة في الزخارف والمقرنصات والأبواب والنوافذ. ويضم القصر ثلاثة طوابق وبدرومًا سريًا، وتحيط به واجهات ضخمة مزينة بالنقوش والتماثيل، تعكس مدى اهتمام الباشا بالفن والجمال.

غير أن السلم الرئيسي للقصر يُعد أيقونة فنية بحد ذاته؛ صُنع بالكامل يدويًا من الخشب والحديد والنحاس، بتصميم حلزوني دقيق يندر أن نجد له مثيلًا حتى في قصور أوروبا. لا يزال هذا السلم قائمًا بعد مرور 111 عامًا، دون أن تفقد تفاصيله أي من روعتها أو تماسكها، وكأنه يُقاوم الزمن بشموخ فني صامت.

شهد القصر في تاريخه العديد من المناسبات والفعاليات السياسية والاجتماعية، وكان ملتقى لأهل الفكر والعلم، بل استُخدم في إحدى الفترات لعقد جلسة محاكمة تاريخية لرموز “خط الصعيد”. كما عُرف عبد المجيد باشا بسخائه ومبادراته الخيرية، حيث ساهم في بناء مستشفيات ومساجد ومدارس ما زال بعضها قائمًا حتى الآن.

ورغم تسجيل القصر كأثر تاريخي عام 2002، إلا أن حالته الحالية تُثير القلق؛ فبعض أجزاء السور الخارجي آيلة للسقوط، والمبنى يفتقر لأعمال الصيانة الدورية. وقد طالبت أصوات كثيرة بضرورة ترميمه ووضعه على خريطة المزارات الثقافية، ليكون شاهدًا حيًا على فترة مهمة من تاريخ مصر المعماري والاجتماعي.

إن قصر عبد المجيد باشا سيف النصر ليس مجرد مبنى قديم، بل هو وثيقة فنية ومعمارية حيّة، تستحق أن تُروى وأن تُحمى. فبين جدرانه وسلالمه وأسقفه، تختبئ حكايات عن زمن كان للجمال فيه قيمة، وللإتقان معنى، وللمعمار روح.

ظهرت المقالة قصر عبد المجيد باشا سيف النصر.. تحفة معمارية على ضفاف الزمن أولاً على جريدة الصوت المصرية.