التحالف العربي للردع: الكويت تُعزز التعاون العسكري مع مصر

بقلم: احمد شتيه
باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى
في خطوة غير مسبوقة منذ توقيعها قبل سنوات، أعلنت دولة الكويت في يوليو 2025 عن تفعيل اتفاقية التعاون العسكري المشترك مع جمهورية مصر العربية، وهي الاتفاقية التي وُقّعت في ظل تنامي التهديدات الإقليمية لكنها بقيت مجمدة على مستوى التنفيذ العملياتي. ويأتي هذا التطور في وقت حساس تمر فيه المنطقة بتغيرات جذرية في موازين القوى، مما يدفع دول الخليج إلى تعزيز محاورها الدفاعية عبر شراكات عربية راسخة.
وقّعت مصر والكويت اتفاقية التعاون العسكري في إطار أوسع من اتفاقيات التعاون الأمني بين دول الخليج ومصر بعد 2013، تتضمن بنودًا تتعلق بـ: التدريب المشترك ، تبادل المعلومات الاستخباراتية ، الدفاع المشترك في حال الاعتداء على أي من الدولتين ، التنسيق في مجالات التصنيع العسكري والدعم اللوجيستي.
وعلى الرغم من أن الاتفاق بقي ساريًا على الورق، إلا أن الأحداث التي شهدتها المنطقة من تهديدات الحوثيين للممرات البحرية، وتصاعد التوتر في العراق وسوريا، إلى تحركات إيرانية متقدمة كلها كانت دافعًا رئيسيًا لإعادة تفعيله لعدة اسباب اهمها:
تصاعد التهديدات في الخليج والبحر الأحمر
الهجمات الأخيرة على السفن التجارية، والتوتر في مضيق هرمز، دفع الكويت إلى تفعيل شراكتها العسكرية مع مصر، الدولة التي تمتلك أكبر جيش عربي تقليدي وقواعد تدريب متقدمة.
التحولات الإقليمية في ميزان القوى
التراجع الأميركي الجزئي عن أمن الخليج، والتقارب بين بعض الدول الخليجية وإيران، خلق فراغًا استراتيجيا ملأته القاهرة عبر سياسة دفاعية أكثر فاعلية.
تقارير استخباراتية حول عمليات تخريبية محتملة
بحسب مصادر أمنية، رُصدت تحركات لعناصر غير نظامية على الحدود الشمالية للكويت، ما استدعى التنسيق العسكري مع القاهرة نظرًا لخبرتها الواسعة في مكافحة الإرهاب والعمليات الخاصة.
الرغبة الكويتية في تنويع مصادر الدعم العسكري.
الكويت تسعى للابتعاد عن الاعتماد الحصري على القوى الغربية، وتنظر إلى مصر باعتبارها عمقًا عربيًا استراتيجيًا موثوقًا.
وفقًا لمصادر عسكرية مطلعة، فإن تفعيل الاتفاقية يشمل ما يلي: تنفيذ مناورات عسكرية مشتركة في البحر الأحمر والخليج العربي خلال الربع الأخير من 2025.
إنشاء وحدة تنسيق استخباراتية مصرية–كويتية في الكويت تضم عناصر من الجانبين.
تدريب القوات الخاصة الكويتية على يد وحدات مصرية ميدانية.
فتح خطوط إنتاج وتسليح مشترك لصيانة الأسلحة الغربية المستخدمة لدى الجيشين.
تكليف لجان دائمة لمتابعة التطورات الأمنية ومراجعة خطط الطوارئ.
النتائج المتوقعة على العلاقات الثنائية:
تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة والكويت
الاتفاق يؤكد أن العلاقة بين البلدين لم تعد مقتصرة على الدعم السياسي والدبلوماسي، بل دخلت طورًا جديدًا من الشراكة الأمنية والعسكرية.
دور مصر الإقليمي يتعزز في الخليج
التفعيل يُعد مؤشرًا واضحًا على الثقة الخليجية في مصر كضامن أمني عربي، خصوصًا في ظل فتور بعض العلاقات الخليجية–غربية.
دعم مباشر للتوازن العربي في وجه النفوذ الإقليمي والدولي
التحالف العسكري مع الكويت يُرسّخ محور “الاعتدال العربي” في مواجهة تهديدات غير تقليدية، مثل الميليشيات المدعومة من دول إقليمية.
أبعاد التعاون المشترك مستقبلاً
اقتصاديًا: فتح هذا الملف سيتبعه تعاون في المجال الصناعي والتقني، من خلال توطين الصناعات العسكرية.
سياسيًا: الاتفاقية تمهّد لتحركات سياسية مشتركة في المحافل الدولية بشأن قضايا الأمن الإقليمي.
اجتماعيًا: التعاون سينعكس على الجاليات المصرية في الكويت، والتي قد تشهد فرصًا جديدة في المجال العسكري والأمني ضمن الشراكة الثنائية.
يؤشر تفعيل اتفاقية التعاون العسكري بين مصر والكويت في يوليو 2025 إلى تحوّل كبير في العقيدة الأمنية الخليجية، حيث باتت مصر ليست فقط شريكًا سياسيًا، بل أيضًا ركنًا أساسيًا في منظومة الردع العربي. وهي خطوة تعكس إدراكًا جديدًا لدى العواصم العربية لأهمية التكامل الدفاعي بعيدًا عن مظلة الحماية الدولية فقط.
شارك