محطة الذكريات المنسية

محطة الذكريات المنسية

 

يقدمها لكم -سيف محمد كامل

الفصل الثالث: عدوى الذكريات

أصوات الصراخ امتزجت مع إنذارات الحريق في ممرات المحطة دخان أسود يتصاعد من لوحات التحكم المحترقة، ينثني في أشكالٍ غريبة كأنه يحاول تكوين كلمات.

«لينا» ركضت في الممر الرئيسي، مسدس البلازما يطلق شعاعاً أزرقاً في الظلام. “إلياس! خلفك!”

الشبح الزجاجي

انحنى بزاوية مستحيلة، متجنباً الطلقة بسهولة كأنه توقعها قبل ثانية.

أطرافه الطويلة تشقلبت كأضواء نيون مكسورة، ثم اختفى في فتحة التهوية.

إلياس كان يلهث، جبهته تنزف من جرح غائر. “إنه يتعلم… يتكيف مع أسلحتنا!”

 

المختبر المركزي

الشاشات كانت تذوب كشمع، تظهر صوراً متقطعة من ذكريات الطاقم:

طفل صغير
«لينا في الخامسة»

يركض في أنقاض بيروت القديمة، بينما طائرات بدون طيار تحوم فوقه.

جثة متفحمة (والد إلياس) تتدلى من أسلاك محطة فضائية منكوبة.

يد سوداء
تمسح دموع ريكاردو وهو في زنزانة انفرادية على المريخ.

“إنه يسرق ذكرياتنا!” صرخت نادية، عالمة الأحياء، وهي تضغط على رأسها كأنها تحاول منع شيءٍ من الخروج “أشعر… أشعر بفراغ في جمجمتي!”

المواجهة في القبو

الظلام هنا كان مادياً، كسائل كثيف مصابيح كاشفاتهم اخترقت متراً واحداً فقط قبل أن تموت.

فجأة… أصوات وقع أقدام عشرات ،مئات، تأتي من كل الاتجاهات.

“تشكيل دائرة!” أمرت لينا بينما كان الطاقم الباقي (أربعة الآن) يظهرون ظهوراً.

لكن الأصوات توقفت.

ثم…

ضحكة طفلة صغيرة اهتزت في الجدران.

“أمك لم تكن تبكي عندما ماتت.” همست صوت لينا نفسها من الظلام “كانت تضحك… لأنها أخيراً ستهرب منك.”

لينا أطلقت النار بعشوائية، شعاع البلازما يخترق الأنابيب فتفجر سائلاً أسود لزجاً كالدم الفاسد.

 

الاكتشاف المرعب

إلياس عثر على الغرفة السرية خلف الجدار المنصهر.

داخل خزانة شفافة، جثث الطاقم المفقودين
تطفو في سائل أزرق. عيونهم مفتوحة، وأفواههم تتحرك في تزامن، تردد كلمة واحدة:

“أورثوس… أورثوس… أورثوس…”

على الحائط، رسالة مكتوبة بخط يد ريكاردو:

“هم لا يقتلوننا… يدمجوننا كنز الذكريات هذا هو ما يبحثون عنه لا تفتحوا الب…”

انقطع النص بعلامات خدوش عنيفة.

الفرار

انفجار هز المحطة. نظام الأكسجين بدأ ينهار.

“لدينا عشر دقائق قبل أن تنفجر المحطة بالكامل!” صرخ إلياس وهو يسحب لينا التي ما زالت تهذي بذكريات مزيفة.

لكن عندما وصلوا إلى مكوك النجاة…

المقاعد كانت مشغولة بالفعل

بأجسادهم هم نسخٌ شاحبة، تبتسم جميعاً بنفس الابتسامة المتماثلة تماماً.

“لا تقلق” قال نسخة إلياس بصوتٍ ميكانيكي “سنحمل ذكرياتكم إلى الأبد.”

لينا لم تتردد. أطلقت النار على خزان الوقود.

الانفجار الأبيض أغرق كل شيء في صمتٍ مؤقت.

يتبع ……

ظهرت المقالة محطة الذكريات الميتة أولاً على جريدة الصوت المصرية.