إثبات على تصرفاتك السيئة ونواياك السيئة

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، أما بعد روي عن أبي حفص عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد متفق عليه، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ” رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخرفلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت ” متفق عليه، وإياك أخي القارئ وسوء الظن فإنه دليل على سوء أفعالك ونيتك وما حملك على مثل هذا الظن إلا أنه بنفسك ما يوافق هذا الظن، ثم إنك به تفقد صحابك ومن تخالطهم، وإنظر أخي إلى الأمور والشدائد بعين المترقب الذي ينظر تبدلا وتغيرا، فلا الشدائد تدوم ولا النعيم يبقى ولا يستمر أمر بحال، فلما التجهم ولما إنقشاع البسمة عن الوجوه، ودع البسمة ملازمة لك ولكل أمورك، ويقول أهل الصين “إذا كنت لا تستطيع الإبتسام فلا تفتح دكانا ” فالدنيا مسرح ولكل منا دور فيه فإذا لم يكن لك دور به كنت زائدا عليه، فإختر لنفسك دورك ووجودك.
وإذا لم تزد شيئا على الدنيا كنت أنت زائدا على الدنيا، وإنظر إلى الماء وخذ حكمتها في مسيرتها، فإذا ما إعترضها سد أو عائق، غيرت إتجاهها لغيره وإذا لم تستطع إلى غيره سبيلا إعتلته، وربما يتساوى الناس في العلم والمعرفة والقوة، ولا يتساوون في الأسلوب، فاحرص على أن يكون أسلوبك راقيا في كل موضع، فالأسلوب هو الدال على علمك ومعرفتك وقوتك والأسلوب لباس الفكر، والجهل مصيبة وما في ذاك موضع جدال وخلاف بين الناس غير أنها، أي مصيبة الجهل، تتفاوت تبعاً لصاحبها، فأسوأ مصائب الجهل أن يجهل الجاهل أنه جاهل، والكيس من عرف لنفس صديقه طريقا قبل أن يتصادقا حتى لا تأتي المعرفة متأخرة فيصدم هذا أو يفتتن ذاك، وحبب إلى نفسك المعروف، فإصطناع المعروف يقي مصارع السوء وكن على يقين بإنفراج الكرب وبالوصول إلى البغية.
ولكل منا في دنيانا مسلك، ونحاول غيره فلا نتوفق، فنتذكر” اعملوا فكل ميسر لما خلق له ” واجعل الديمومة في أعمالك طريقا إلى وصولك مرامك، فأحب الأعمال إلى الله تعالي أدومها وإن قل، وإختر لنفسك أحد أمرين وهو أن تعيش مبغوضا، أو تموت محبوبا، وإن إخترت الأولى فليست تلك بحياة، وإن طالت، فقيل أموت محبوبا خير لي من أن أعيش مكروها، وليحرص أحدنا على أن يأكل من كسبه فإن أطيب ما أكلتم من كسبكم، ولا يكون الكسب من السهولة بمكان دائما، فعلى الإنسان أن يتعب ويجد في كسبه، وعليه أن يركب المشاق ويخاطر بما يملك، لنيل ما يصبو إليه وإلا فلا كسب ولا امتلاك، إن لم تخاطر بشيء فلن تملك شيء، وإذا لم تبلغ ما تصبو إليه فليس ذلك نهاية العالم، ونهاية الطموح والحلم، فلربما كان قصورك عن الوصول هو الخير كله.
أنت تشاء وأنا أشاء والله يفعل ما يشاء، فإذا لم يكن ما تشاء فارض بما هو كائن، فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وثمة مطية أخرى للإنسان وهو اللسان مطية المرء، فقيل أنت سالم ما سكتت، فإن تكلمت فلك أو عليك.
شارك