من كان لطيفًا وسهل التعامل، منعه الله من النار.

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي حث عباده على سلامة الصدور، سبحانه وتعالى جعل حب الخير للآخرين من العمل الصالح المبرور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الغفور الشكور، يجازي أصحاب القلوب السليمة بدخول الجنة وكثير الأجور، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المنزّه عن كل نقص وقصور، كان يحب الخير لأمته، ويكره لها كل الآفات والشرور، اللهم صلي عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإح سان إلى يوم البعث والنشور ثم أما بعدقال صلى الله عليه وسلم ” إن أحبكم إلي وأقربكم منى في الآخرة مجالس أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلى وأبعدكم منّى في الآخرة أسوأكم أخلاقا، الثرثارون المتفيهقون المتشدقون ” وكما قال صلى الله عليه وسلم ” إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة ” وكما قال صلى الله عليه وسلم.
” عليك بحسن الخلق وطول الصمت، فوالذى نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما ” وكما قال صلى الله عليه وسلم ” من كان سهلا هينا لينا حرمه الله على النار ” ومن أحسن ما قيل في تفسير حسن الخلق أنه طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى وطيب الكلام وقلة الغضب وإحتمال الأذى وقيل أيضا هو التخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل، صلوات الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله، فكلامك شفاء من كل داء، ومنهج للحيارى الذين يتلمسون طريق النجاة، إنه نور لا يخرج إلا من مشكاة النبوة، وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” متفق عليه، وعن هذا الحديث قال أبو داوود السختياني أن مدار الإسلام على أربعة أحاديث ومنها هذا الحديث، وهو عظيم الفائدة الذي لو طبق لأصبح المجتمع مجتمعا مثاليا تسوده المساواة.
وتفوح منه المحبة، وتطفي عليه الألفة والعلاقات الحسنة الطيبة في مجتمع خالي من الحسد والبغض والكره، بل وكل ما هو مذموم، وقد ورد في هذا الحديث لفظ الإيمان لكنه لم يتطرق إلى نفيه بالكلية بل تطرق لنفي كماله، فقال الإمام النووي أجمع العلماء على أن معناه لا يؤمن الإيمان التام، وقال ابن حجر والمراد بالنفي كمال الإيمان، وإن المحبة وعكسها البغض، وقال ابن حجر والمحبة هي إرادة ما يعتقده خيرا وقال النووي المحبة هي الميل إلى ما يوافق المحب وقد تكون بحواسه كحسن الصورة أو بفعله إما لذاته كالفضل والكمال وإما لإحسانه كجلب نفع أو دفع خير وفي الحديث أن يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات، وكما في الحديث حث علي الأخوة، حيث قال الله تعالى ” إنما المؤمنون أخوة” فروابط الأخوة أقوى الروابط إذا بنيت على طاعة الله ومحبته.
والمحافظة على الإخوة ينتج عنها علاقات إجتماعية وأسرية قوية، وقال ابن العماد الأولى أن يحمل على عموم الأخوة الإنسانية لا الدينية، حتى يشمل الكافر فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله الإسلام كما يحب للمسلم دوامه ومن هنا كان الدعاء بالهداية مستحبا، والخير وعكسه الشر، ولم يرد في الحديث لفظ الخير ولكنه ورد في روايات أخرى عند النسائي وغيره وقال ابن حجر والخير كلمة جامعة تعلم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها، وأيضا الحديث يحث علي التواضع، فالمتواضع يحب الخير لإخوانه ويتمناه لهم كما يتمناه لنفسه، أما المتكبر فيتعالى على الناس ويتكبر عليهم ولا يحب لهم ما يحب لنفسه بل يحب لنفسه الزيادة ولغيرة النقص لأنه يحب غيره أن يكون أقل منه مالا وجاها.
شارك