بين الأمان الداخلي والخارجي: المواطن يسعى للراحة النفسية

بقلم : طارق فتحى السعدنى
بين زحمة الأحداث وتسارع التغيرات، لم يعد المواطن البسيط بحاجة إلى صخب التحليلات بقدر حاجته إلى فهمٍ واضح لما يجري حوله. بين هموم الداخل ومشهد العالم المزدحم بالصراعات والتقلبات،
تبرز أسئلة مشروعة تبحث عن إجابة: إلى أين نحن ذاهبون؟ ومتى يشعر الإنسان العادي بالاستقرار الحقيقي؟
حيث تشهد الساحة الداخلية مجموعة من الملفات المفتوحة على مصراعيها. من الاقتصاد الذي يحاول أن يتنفس في مناخ عالمي ضاغط، ثم الخدمات الأساسية التي لا تزال تمثل هاجسا للمواطن، مثل الصحة والتعليم والمرافق.
ورغم أن المواطن لا يزال يعاني من ارتفاع الأسعار وتراجع قيمة العملة،
فإن هناك جهودا لتحسين البنية التحتية وتطوير الريف وتوسيع دائرة الدعم الاجتماعي.
لكن السؤال البسيط الذي يتردد في كل بيت متى يشعر المواطن فعليا بثمار تلك السياسات في تفاصيل يومه، لا في عناوين الأخبار؟
فالعالم من حولنا يعج بالتقلبات، ولم يعد بعيدا عن تأثير كل بيت. ونرى المنطقة العربية تموج بموجات التوتر من ملف غزة المشتعل إلى الحدث الأخطر هو التصعيد المتنامي بين إيران والكيان الصهيوني، والذي ينذر بتفجير المنطقة بأكملها في حال خرجت الأمور عن نطاق الحرب الاستخباراتية والضربات المتقطعة.
إن هذا التصعيد لا يهدد أمن الخليج فحسب، بل قد ينعكس على الأمن العربي برمته، ويفتح الباب لتدخلات دولية جديدة تعمق الاستقطاب بدلا من حله.
في هذا السياق، تلعب مصر دورا مركزيا وحذرا؛ فهي تراقب المشهد، وتدير مواقفها بدقة لحماية مصالحها الوطنية، دون الانزلاق إلى محاور الصراع الكبرى.
لكن وسط كل هذه المعادلات يبقى المواطن هو المعادلة الأهم. فكل سياسة لا تترجم إلى واقعٍ يعيشه الإنسان البسيط تظل ناقصة.
ونجد المواطن لا ينتظر خطابات ولا وعودا، بل ينتظر قرارات تحمي قدرته الشرائية و تحفظ كرامته وتمنحه الأمل في الغد. ينتظر أن يشعر أن الدولة تعرفه وتضعه في قلب أولوياتها لا على هامش خططها.
في نهاية المطاف لا نحتاج إلى تجميل الواقع بقدر ما نحتاج إلى مواجهة صادقـة معه.
والاعتراف بأن الواقع لا يحتاج إلى تزيين. بل إلى إنصاف
نحن لا نعيش في معزل عن العالم فالعاصفة بالخارج تهب على الداخل أيضا.
لكن قوة أي وطن تبدأ من تماسكه الداخلي، ومن بناء إنسان يشعر بالطمأنينة لا بالقلق.
الاعتراف بالتحديات أول الطريق نحو الحل، وما بين ملفات الداخل المرهقة ومشهد إقليمي مرشح للانفجار، يبقى الأمل هو الثابت الوحيد الذي يجب ألا نفقده.
ظهرت المقالة بين الداخل والخارج.. المواطن يبحث عن الطمأنينة أولاً على جريدة الصوت المصرية.