أمريكا تستطلع رأي مصر.. رد القاهرة وُضع في الاعتبار

أمريكا تستطلع رأي مصر.. رد القاهرة وُضع في الاعتبار

 

بقلم: فيفي سعيد محمود

في تحرك لافت يعبّر عن تغيرات في المشهد الجيوسياسي الإقليمي، استقبلت القاهرة وفدًا استخباراتيًا أمريكيًا رفيع المستوى، في زيارة وُصفت بأنها الأولى من نوعها، لفتح باب المفاوضات مع القيادة المصرية بشأن صيغة جديدة للعلاقات المصرية–الأمريكية.

المثير أن هذه الخطوة تزامنت مع تحركات خليجية نشطة من قبل السعودية والإمارات وقطر، التي حاولت القيام بدور الوسيط، لكن مصر رفضت الوساطة الخليجية فيما يتعلق بإعادة العلاقات أو ترتيب لقاء مباشر مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

الرد المصري جاء حاسمًا وواضحًا: لا استئناف حقيقي للعلاقات دون إغلاق ملف التهجير بالكامل، ورفض مطلق لأي مقترحات تتعلق بترحيل أهالي غزة إلى سيناء تحت أي غطاء إنساني أو أمني.
كما اشترطت مصر البدء بخطوات عملية لإعادة الإعمار في القطاع، بالتنسيق الكامل مع السلطة الفلسطينية، وبعيدًا عن أجندات الخارج.

وعلى الرغم من أن أمريكا حاولت تسويق تحركها كجزء من جهود التهدئة في المنطقة، فإن الجانب المصري قرأ الرسائل بشكل أكثر تعقيدًا، واعتبر أن هناك ضغوطًا ناعمة تسعى لإعادة تشكيل الموقف المصري الإقليمي، بما يخدم رؤية واشنطن وتل أبيب في إدارة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.

ونتنياهو في مأزق.. واللوبي اليهودي غاضب وناقم عليه بحسب ما نُقل عن الوفد الأمريكي، فإن ملف التهجير أصبح متأزمًا داخليًا، نتيجة فشل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في فرض رؤيته، إضافة إلى وجود ترتيبات داخلية قد تؤدي إلى رحيله قريبًا.
الأكثر من ذلك، أن اللوبي اليهودي الداعم لترامب المعروف بتأثيره الواسع في دوائر القرار بات غير راضٍ عن أداء الحكومة الإسرائي – لي – ة الحالية، وهو ما دفع واشنطن لمحاولة إعادة بناء تفاهمات جديدة في المنطقة، تبدأ من القاهرة.
لتكون
الصفقة المصرية: إعادة علاقات مقابل شراكة لا تبعية
ومصر، من جانبها، قدمت رؤيتها التي تقوم على شراكة متكافئة لا وصاية فيها ولا فرض إملاءات، وطرحت عدة محاور لعودة العلاقات، أبرزها:

إغلاق ملف التهجير بشكل نهائي وغير قابل لإعادة الطرح.

تنفيذ خطة إعمار غزة برؤية مصرية-عربية.

الحفاظ على التزامات كامب ديفيد دون المساس بالسيادة المصرية.

تسهيلات استثمارية واسعة للشركات الأمريكية.

إنشاء مدينة صناعية أمريكية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وكان رفض مصر لابتزاز سياسي مفضوح.

لكن الولايات المتحدة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد نقل الوفد الأمريكي مجموعة مطالب وُصفت بأنها “ابتزاز ناعم”، أبرزها:
الانسحاب من مجموعة “بريكس”.
وتقليص العلاقات مع الصين وروسيا ،حصر التسلح المصري في المنظومات الأمريكية.

إعادة هيكلة البنية التحتية العسكرية في سيناء.

ليكون الرد المصري ذكيًا وحادًا في آنٍ واحد، فيما وصفه البعض بـ”الدبلوماسية المميتة”، حيث أكدت القيادة السياسية أن استقلال القرار الوطني المصري خط أحمر، وأن مصر لن تقبل بأن تكون تابعًا لأي محور دولي، مهما بلغت الضغوط.
ويرفض السيسي دعوة البيت الأبيض فى واشنطن لتليين الموقف المصري كدعوة رسمية للرئيس عبد الفتاح السيسي لزيارة البيت الأبيض.

لكن الرد كان حاسمًا أيضا
لا زيارة دون إسقاط مشروع التهجير نهائيًا بنسبة 100%، لا تعليق مؤقت ولا إعادة طرح لاحقًا.

وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن واشنطن أصبحت تدرك صعوبة تجاوز الدور المصري في أي تسوية قادمة، سواء في غزة أو في ملف الطاقة شرق المتوسط أو حتى في موازين القوى بإفريقيا.

وبذلك أثبتت القاهرة أنها رقْم صعب في المعادلة الإقليمية والدولية، وأن محاولات تطويع القرار المصري قد ولى زمانها.
فمصر اليوم ليست دولة تبحث عن رضا واشنطن، بل شريك إقليمي قوي، مستقل، يعيد صياغة علاقاته بناءً على المصالح لا التعليمات.

ورغم محاولات ترامب واللوبي الداعم له للضغط على القاهرة، تبقى مصر بثقلها السياسي والدبلوماسي والعسكري طرفًا لا يمكن تجاوزه، بل لا يمكن خسارته.

ظهرت المقالة أمريكا تبحث عن مصر.. والرد جاء من القاهرة أولاً على جريدة الصوت المصرية.