نشوء التوتر والصراع بين أعضاء المجتمع

نشوء التوتر والصراع بين أعضاء المجتمع

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله إقرارا بوحدانيته، والشكر له على سوابغ نعمته، اختص بها أهل الصدق والإيمان بصدق معاملته، ومن على العاصي بقبول توبته، ومد للمسلم عملا صالحا بوصيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المفضل على جميع بريته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد لقد نهي الشارع الحكيم عن أذى المسلمين لعظم حرمة المسلم ولأن ذلك يفضي إلى وقوع العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع ويؤدي إلى إنتشار الفوضى وزعزعة الأمن الإجتماعي وقطيعة الرحم وإنصرام حبال المودة بين الأصحاب، وإن المسلم كما يؤجر على فعل الطاعات وبذل المعروف كذلك يؤجر على كف الأذى وصرف الشر عن المسلمين.

لأن ذلك من المعروف وداخل في معنى الصدقة، فقال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قلت يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟ قال ” تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك ” متفق عليه، فإن الله عز وجل كما تعبدنا بفعل الطاعات تعبدنا أيضا بحفظ حرمة المسلمين وعدم التعدي عليها بنوع من الأذى، وبعض الناس هداهم الله لا يستشعر في حسه عظم هذا الأمر فتراه مع حرصه على الصلاة والصيام وسائر العبادات يتعدى على أخيه المسلم ويؤذي المسلمين ويتهاون في هذا الأمر تهاونا شديدا، وإن الباعث على الإستخفاف بحرمة المسلم والتساهل في إيذاء المسلمين هو ناشئ عن الجهل وقلة الوعي وبلادة الطبع وقد تكون البيئة عاملا مؤثرا في تكوين هذه الشخصية العدائية ولا شك أن تربية الأسرة عامل مؤثر أيضا على سلوك الفرد.

هذا السلوك والتخلق به، وإن إيذاء المسلمين ورد فيه وعيد شديد وعقوبة أخروية حيث قال الله تعالى ” والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبيا ” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رجل يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال صلي الله عليه وسلم “هي في النار” قال يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وصدقتها وأنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال صلي الله عليه وسلم ” هي في الجنة ” رواه أحمد، وكما أن من صور الإيذاء والإعتداء هو إيذاء الرجل زوجته بالجور، والظلم والقهر والقسوة والغلظة والبخل والحرمان والتهمة والظن، والتخوين والشك في غير ريبة ومعاملتها بالخلق الدنيء واللسان البذيء الذي لا تبقى معه عشرة.

ولا يدوم معه إستقرار ولا سكون ولا راحة، ومن الرجال من يترك زوجته معلقة، لا ذات زوج ولا مطلقة، ليحملها على الإفتداء ودفع عوض المخالعة ظلما وعدوانا، ومن الرجال من يحرم المرأة أولادها بعد تطليقها إمعانا في الإساءة والأذى، وكما أن من صور الأذى هو إيذاء المرأة زوجها بالمعاندة والمعارضة والمكايدة والإستفزاز، وعدم رعاية حقه في المغيب والمشهد، إلى غير ذلك من الصور التي يرفضها الشرع الحكيم ويأباها الطبع السليم، والعقل المستقيم، وإن إيذاء الغير يشمل كل أذى حسي ومعنوي فيدخل في ذلك الإعتداء على مال الغير وأهله وولده ودمه والإستيلاء على أملاكه بغير وجه حق ويشمل أيضا الإستهزاء واللمز والسخرية بالغير، وصلوا وسلموا على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه العزيز، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا”