مع انخفاض مؤشر الدولار وزيادة الدين العام… هل يضعف الدولار الأمريكي؟

شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا لافتًا منذ بداية العام، حيث تراجع مؤشره بنحو 11% خلال النصف الأول من 2025، في ظل تصاعد المخاوف من اتساع الدين العام الأمريكي والتباين الحاد بين توجهات السياسة الاقتصادية والنقدية في واشنطن.
ضغوط مستمرة على العملة الأمريكية
قال جو يرق، رئيس الأسواق العالمية لدى Cedra Markets، إن الأداء الضعيف للدولار تفاقم في الأسابيع الأخيرة، إذ خسر المؤشر ما يقارب 8% خلال أسبوعين فقط.
ووفقًا لتحليلات مصرفية كبرى، من المرجح أن يمتد هذا الاتجاه الهبوطي خلال الأشهر القادمة، مع توقعات بانخفاض إضافي يصل إلى 10% بحسب تقديرات مؤسسات مثل جي بي مورغان ومورغان ستانلي.
انقسام داخل الإدارة الأمريكية
رأى يرق أن الخلاف القائم بين الرئيس السابق دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يمثل أحد أبرز العوامل وراء هذا التراجع.
فبينما يدفع ترامب نحو سياسة تضعف الدولار لدعم التصدير والحد من العجز التجاري، يتمسك باول بسياسات تهدف إلى الحفاظ على استقرار العملة، ما يعكس تعارضًا داخليًا في الرؤية الاقتصادية.
تفاقم الدين العام يزيد الضغوط
بلغ الدين السيادي الأمريكي مستوى قياسيًا متجاوزًا 37 تريليون دولار، مقارنةً بـ23 تريليونًا في 2020، مما رفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتقترب من 100%.
هذا الوضع الهيكلي يهدد جاذبية الدولار كعملة مرجعية في الأسواق العالمية ويزيد من حذر المستثمرين.
تراجع الثقة نتيجة الاستخدام السياسي للدولار
إلى جانب العوامل الاقتصادية، أثّر استخدام الدولار كأداة عقوبات ضد دول مثل روسيا وإيران والصين على سمعته الدولية.
وبات يُنظر إليه على أنه عملة غير محايدة، مما دفع بعض الاقتصادات الكبرى للتفكير في تقليل الاعتماد عليه في تعاملاتها الخارجية.
الاقتصاد الأمريكي لا يزال يملك أوراق قوة
رغم كل التحديات، لم يعتبر يرق أن الدولار في طريقه إلى فقدان موقعه عالميًا، إذ لا تزال الولايات المتحدة تمتلك أكبر اقتصاد عالمي وبنية مالية متقدمة.
إلا أنه يشير إلى أن المرحلة المقبلة ستتطلب إدارة حذرة لتفادي المزيد من فقدان الثقة، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية.
عوامل الدعم السابقة قد لا تستمر
وفي ختام رؤيته، أكد يرق أن صعود الدولار في الفترات السابقة استند إلى مخاوف المستثمرين من الأزمات، ما دفعهم إلى اللجوء للسوق الأمريكية بحثًا عن الأمان.
أما في المرحلة المقبلة، فقد تؤدي التحولات في العوائد العالمية وتراجع الاستقرار السياسي إلى إعادة توجيه التدفقات نحو أسواق أخرى، وهو ما قد ينعكس على مركز الدولار في النظام المالي العالمي.