محاميات يطالبن بإلغاء الرسوم القضائية ويرفعن شعار “العدالة حق لكل امرأة”

بعدرفع رسوم التقاضى تجعل النساء غير قادرات على استعادة حقهن بالقانون
أثار قرار محكمة استئناف القاهرة بشأن زيادة الرسوم القضائية بنسبة 10% حالة من الغضب بين أوساط الناشطات والحقوقيات المهتمات بحقوق المرأة نظرا لتأثير القرار على النساء خاصة الأكثر فقرا ..
فرغم أن القرار يطبق على جميع المتقاضين إلا إن النساء هن الفئة الأكثر تأثرا خاصة فى قضايا الأحوال الشخصية كالنفقات والحضانة والطلاق ، وقد تجد الكثيرات أنفسهن عاجزات عن تحمل هذه التكاليف، مما يهدد حقوقهن الأساسية ويكرّس واقعًا من التمييز في الوصول إلى العدالة.
ناقشت مؤسسة قضايا المرأة المصرية الأزمة خاصة فى ظل عزوف السيدات مؤخراً عن سلك مسارات الإجراءات القانونية بسبب تكلفتها..
و أكدت عدد من المحاميات على أن الرسوم الجديدة تُمثل خرقًا للدستور وتُكرّس لمبدأ “العدالة لمن استطاع إليها سبيلا “، وهو ما يتعارض مع مبدأ المساواة الذى نص عليه الدستور.
قرار إدارى
بدأت أزمة الرسوم فى مارس الماضى، بقرار من رئيس محكمة استئناف القاهرة بزيادة الرسوم القضائية بنسبة 10 %، من خلال استحداث رسم جديد تحت مسمى “مراجعة الحوافظ”، ضمن ما أُطلق عليه “رسوم الميكنة”، بحجة تطوير الخدمات الإلكترونية بالمحاكم..ورغم رفض أعضاء مجلس النقابة العامة للمحامين,وكذلك رؤساء النقابات الفرعية الذين أكدوا رفضهم القرار الصادر من مجلس رؤساء محاكم الاستئناف بفرض رسوم تحت مسمى مقابل خدمات مميكنة, لما يشكّله من أعباء إضافية على المواطنين، دون سند تشريعي واضح أو مناقشة مجتمعية مسبقة، في مخالفة صارخة للمادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أن “الناس جميعًا سواء أمام القضاء”..إلا أن القرار تم تنفيذه ضاربا عرض الحائط بتلك الاعترضات..
أكدت عزة سليمان رئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية..أن النساء أكثر فئات المجتمع تضررا خاصة أن السيدات التى تلجأ إلى القضاء فى قضايا الأحوال الشخصية أغلبهن غير قادرات ماديا ..مشيرة إلى أن الدولة تطلق العديد الاستراتيجيات الوطنية من أجل تمكين النساء إلا أن مثل هذه الرسوم ستجعل الكثيرات يعزفن عن التوجه لاخذ حقوقهن ,فكيف يكون لهن حق ولا يستطعن أخذه لانهن فقيرات ولا يملكن المال ؟!
وأوضحت أن النساء الأكثر فقرًا، مثل الأرامل والمطلقات، هن الأكثر تضررًا من هذا القرار، رغم أن استراتيجية تمكين المرأة 2030 تنص بوضوح على ضرورة تسهيل حصولهن على الخدمات القانونية والعدالة.
و أكدت جواهر الطاهر، مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة أن زيادة الرسوم القضائية عادة ما تدفع ضريبتها النساء والفئات المهمشة لأن الكثير منهن يرغبن في سلك مسار التقاضي خاصة في قضايا الأحوال الشخصية والزيادة وصلت لـ 500% وهو ما يعيق وصول النساء للعدالة ومن ناحية أخرى الدستور المصري يكفل حق التقاضي للجميع وبمثل هذه القرارات يتأزم الوضع في مسار التقاضي ويعرقل المسار القضائي.
وقالت :المفترض إنه لا زيادة إلا بقانون ومع ذلك محكمة الاستئناف أصدرت قرارها بالزيادة مما عطل الكثير من إجراءات التقاضي.
وأشارت إلى أن القرار يحتاج أن يتحول لقانون وفي حال الاستمرار في تنفيذه لابد من وجود استثناءات خاصة أن نحو ثلث المجتمع نساء معيلات , وهؤلاء لا يمكنهن الوصول لإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية تحديداً نتيجة أوضاعهن الاقتصادية.
و حول العوائق القانونية التى تواجهها النساء فى ظل ارتفاع الرسوم القضائية ,أكدت” هبة عادل” محامية النقض ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة , أن تكلفة التقاضي ليست قاصرة فقط على الرسوم التي تدفع في التقاضي بل إنها تكلفة متعددة تشمل أجر المحامين والمحكمين والمساعدين القضائيين الذين يقومون بأدوار مختلفة، فضلاً عن الرسوم الأساسية والضرائب المفروضة على الطباعة، إلى جانب تكلفة الطباعة واستخراج المستندات وغيرها مما يجعل الكثير من النساء يتراجعن عن التقاضي وتأثير ذلك على الثقة في مؤسسات العدالة ولذلك يجب أن تكون هناك مراجعة لمثل هذه القرارات لأن الأصل أن يكون الوصول للعدالة مجانياً للجميع.
وأضافت أن أغلب النساء يتوجهن للقضاء لرفع دعاوى تتعلق بقضايا الأحوال الشخصية والأزمات التي تعاني منها النساء فهناك الكثير منهن في أزمة مع مسكن الحضانة مشيرة إلى أن الكثيرات تتقاضى 300 أو 400 جنيه كأجر لمسكن الحضانة وهذا مبلغ زهيد جدا ,ولذلك يقمن مع ذويهن ,وتتفاقم الأزمة مع قانون الايجار القديم والحديث عن رفع الايجارات والكثير منهن لا يمتلكن دخل مناسب مما يصعب الموقف ويجعل هذا القرار عبء على النساء.
وأشارت إلى النساء في المناطق الريفية أو النائية يعانين من قلة الوصول إلى الخدمات القانونية,وفرض رسوم إضافية على الإجراءات القضائية قد يجعل هذه الخدمة غير متاحة لهن بشكل كامل. في هذه المناطق، حيث قد تكون المعرفة بالقانون محدودة، تصبح زيادة الرسوم قضية ذات تأثير أكبر، إذ يمكن أن تؤدي إلى عزوف النساء عن التقدم بالشكوى أو القضايا القانونية خوفًا من التكاليف الباهظة.
وأكدت أننا قمنا بحملة تمت بالشراكة مع مؤسسة قضايا المرأة المصرية ومؤسسة القاهرة للتنمية والقانون متزامنة مع زيادة الرسوم القضائية التي تعتبر عبء كبير اقتصادي واجتماعي للنساء خاصة وللمجتمع ككل، وطالبنا بالغاء القرار نظرا لتراجع نسب الإبلاغ والتعامل مع المؤسسات القضائية .
فيما أكدت المحامية بالنقض انتصار السعيد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون أن حق التقاضى مكفول للجميع دستوريا ، وزيادة الرسوم القضائية قرار غير قانوني وصادر بقرارات إدارية وليس بنص قانون، وتحول العدالة لسلعة لمن يدفع أكثر”..أمر مرفوض
وأشارت أن زيادة رسوم التقاضى تجعلنا نعود إلى قانون الغابة ,كما أن السيدة التى تملك 10 آلاف جنيها لن تذهب لرفع دعوى نفقة مثلا سوف تصرف هذه الرسوم على أطفالها
وأضافت أن زيادة الرسوم تكرس لمبدأ عدم المساواة وتحرم النساء من اللجوء لأدوات الإنصاف والعدالة، ومجانية خدمات العدالة مبدأ دستوري وقانوني، لكن ما يحدث هو مخالفة للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر ، ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”
وأكدت أن قرارات زيادة الرسوم يتعارض أيضا مع نص المادة 3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 التى تنص على إعفاء دعاوى النفقات وما في حكمها من الأجور والمصروفات بجميع أنواعها من كل الرسوم القضائية في كل مراحل التقاضي.
وطالبت بإعفاء النساء من الرسوم القضائية “خاصة في قضايا الأسرة، كالنفقة والطلاق والحضانة والعنف الأسري، لتمكين النساء من الحصول على حقوقها دون عراقيل مالية.
وأضافت أن هناك نحو 40% من النساء العاملات وهن الأكثر تضرراً من مثل تلك الإجراءات،لأنهن يعتمدن على دخل محدود ,وقد يواجهن صعوبة في تحمل هذه التكاليف، مما يهدد قدرتهم على المطالبة بحقوقهن أمام المحاكم,خاصة فى حالة تعرض هؤلاء إلى العنف الأسري أو التحرش أو القضايا المتعلقة بالطلاق أو حضانة الأطفال. في مثل هذه الحالات، قد يكون التوجه إلى المحكمة أمرًا حيويًا لضمان حقوقهن، لكن مع فرض رسوم إضافية قد تجد بعض النساء أنفسهن في موقف صعب، مما يعرضهن لضغوط أكبر ويزيد من صعوبة الحصول على العدالة.
وشددت على أن العدالة ليست سلعة مجانية، فخدمات العدالة مبدأ دستوري يجب الحفاظ له مع ضرورة وقف أي إجراء يكرس تمييز طبقي في التعامل مع العدالة
فيما أكدت د.كريمة الحفناوى القيادية بحزب الاشتراكى المصرى, أن الغاء الرسوم القضائية ليست مشكلة فئوية تخص المحامين والمحاميات فجسب بل هى قضية رأى عام تمس الشعب بأكمله وخاصة النساء الأكثر فقرا ولذلك لابد من الضغط والحشد الاعلامى من أجل التراجع عن هذه القرارات التى يتحمل تبعاتها الشعب.