ماجدة موريس تكتب: الدراما المصرية… وأعمال مرتقبة

من الذي يستحق أن نقدم مسلسلا عنه ؟
وهل هذا الاستحقاق يتعلق بالماضي، أو الحاضر؟ أم أنه يتعلق بكل من قدم الكثير لبلده ولنا جميعا؟
أسئلة من المهم التفكير فيها والبحث عن اجابات لها خاصة مع الاستعداد لموسم درامي جديد في رمضان القادم، ولمواسم أخري مختلفة تأتينا طوال العام من خلال كل جهات الانتاج، واهمها الان المنصات، أو الشركات المتخصصة في انتاج الدراما بأساليب مختلفة عن الماضي، وما اعتدناه كجمهور، وحيث اصبحنا نتقبل مسلسلات من عشر حلقات، واحيانا ثمانية حلقات وأقل، بعد ان كان المقرر علينا هو مسلسل الثلاثين حلقة، وقد تساءل احد الكتاب الكبار عن مسلسل عن حياة الموسيقار محمد عبد الوهاب في بوست كتبه علي الفيسبوك مبديا سعادته بعمل تأخر كثيرا، وأنه- أي المسلسل- يأتي بعد سعي أسرة الموسيقار الكبير له، وهنا علينا ان نتوقف عند السؤال الاهم وهو: من الذي يقرر استحقاق المبدع بتقديمه وتاريخه العامر إلي المواطنين الذين خرج من بينهم، والذي اجتهد كثيرا ليكون أيقونة ونموذجا لغيره؟ وهل لدينا في خطط المسئولين عن صناعة الدراما قائمة بأهم الشخصيات المصرية المستحقة لهذا التقدير؟
من عبد الوهاب إلي طلعت حرب
يتذكر الكثيرون منا مسلسلات (ام كلثوم)، و(اسمهان) ويتذكرون مسلسل (ابو ضحكة جنان) عن حياة اسماعيل ياسين والذي عرض مؤخرا، ومسلسلات اخري لا تعرض أبدا مثل (قاسم امين)، و(مشرفة، رجل من هذا الزمان)، ليصبح السؤال هو هل نحتاج الي صناعة دراما عن الذين قدموا لنا وللوطن الكثير لمجرد حفظها في الأدراج أم لعرضها لتراها اجيال لا تعرف هؤلاء الذين صنعوا تأثيرا مهما في حياتنا؟ ولعل اول ما نتذكره من هؤلاء غير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب هو المفكر والرائد الكبير( طلعت حرب) الذي أسس بنك مصر حتي يكون للمصريين بنك يخصهم غير البنوك الاخري، الاجنبية، التي كانت تحتكر المعاملات المالية في مصر، وبعدها ادرك ان البنك وحده لا يكفي وأن المصريين يحتاجون الي التفاعل المعرفي مع وجوه الثقافة والفن فأنشأ شركة ترقية التمثيل العربي التي قدمت عروضها علي مسرح الازبكية، لتتحول بعدها الي الفرقة القومية للمسرح او (المسرح القومي)، وفي نفس الوقت انشأ شركة اخري للفن (شركة مصر للتمثيل والسينما) التي اصبحت مالكة لاول ستديو لصناعة السينما المصرية (ستديو مصر) بعد ملاحظة طلعت حرب ان اغلب العاملين في السينما من الأجانب، وليقدم الاستديو الجديد اول افلامه (وداد) بطولة أم كلثوم واحمد علام عام 1936، صحيح أن السينما المصرية بعد هذا لم تستطع الاستغناء عن الأجانب الذين كانوا يعيشون في مصر وقتها، خاصة المبدعين منهم، لكن ما حدث عدل موازين العمل الثقافي والفني في ذلك الوقت من خلال شخصية رائدة كطلعت حرب الذي يستحق مسلسلا يسجل ويطرح علينا أفكاره وجهده في الاقتصاد والثقافة والفن، وغير هذا، إلا يستحق الكاتب الكبير نجيب محفوظ هذا الاستحقاق وان نري مسيرته المهمة كمواطن مصري اجتهد كثيرا وصنع لنفسه دستورا للحياة والعمل ليصبح هذا الاسم العظيم، وليحمل علي جائزة نوبل، والدكتور (احمد زويل) العالم الكبير والذي تعلم في جامعة الإسكندرية وذهب ليكمل دراسته في امريكا ويتفوق، ويصل إلي قمة من قمم العلم، ويحصل هو الآخر علي جائزة نوبل عن اختراعه، إلا يستحق؟ وغيرهما، الدكتور مجدي يعقوب طبيب القلب الذي صنع الكثير للبشر في كل الدنيا، والدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلي في العالم ومؤسس اول مركز لهذا في الشرق الأوسط بمدينة المنصورة.. إلا يستحق؟ إن لدينا كنوزا من الكبار في العلم والفن وكل المجالات علينا ان نقدمهم لمجتمعاتنا اولا، وللعالم من خلال أسهل لغة وأكثرها جاذبية، وهي لغة الدراما التي يحبها الجميع.