ماجدة موريس تكتب: 30 يونيو.. مسيرة أداء المسؤولية

صحونا من النوم وكأننا علي سفر، كان الإحساس المسيطر علينا جميعا هو أننا في رحلة لمعرفة الحقيقة، وللدفاع عن أنفسنا، وعلينا إلا نتأخر، وهكذا ارتدينا ملابسنا بسرعة، وأخذنا معا ما تيسر من الطعام ليوم لا نعرف مدي طوله ونزلنا وركبنا سيارتنا القديمة وخرجنا بها من مدينة نصر حيث نقيم إلي مصر الجديدة، وإلى منطقة الكوربة القريبة جدا من الأحداث التي ننتظرها، ومن موقع قصر القيادة، كانت لدينا جميعا رغبة في الخلاص من عبء ومشكلة كبيرة كادت تضيع أماننا في وطننا، هي وجود ناس يرفضوننا ويحكموننا بأساليب لا يمكن الثقة بها، كان الإعلام أكبر عنصر صدر لنا الخوف منهم، خاصة برامج التليفزيون التي ظهر فيها من طالب بمحاكمة كل كاتب لا يسمع كلامهم، ومن قال إن نجيب محفوظ كان يستحق القتل منذ وقت طويل جدا لأن كتاباته كافرة، ومن طالب بإغلاق كل منافذ الثقافة، باختصار تحول التليفزيون ببرامجه إلي موقع لنشر أفكار جماعة الإخوان ورؤاها وحجب كل الآراء الأخري وأصبحت الحياة صعبة، ومؤلمة كثيرا علي كل منا، في أي موقع وأي وظيفة، وهكذا جاء اليوم المنتظر لنلبي جميعا نداء الواجب.
الشوارع أصبحت بيوتا
لم يكن صعبا أن نكتشف أننا كنا نفكر بنفس الطريقة عند وصولنا لمنطقة الكوربة، وأن الآخرين فعلوا مثلنا، وأن المشكلة فقط كانت في المكان الذي لا توجد به كافيهات أو حدائق تكفينا، وكان الحل المنطقي هو اللجوء إلي أي مكان يحتملنا، مداخل البيوت أو جوانب الأرصفة، أو أي زاوية نتوقف عندها لنلتقط أنفاسنا، ونتعامل مع هذا اليوم ومع زجاجات المياه في يوم حار، وفي مدخل عمارة طيبة جلسنا علي سور عريض بني ليكون شاهدا علينا، وجاءت أسرة ثانية وشاركتنا المكان، وبدأ حوار متقطع بيننا، سرعان ما أصبح حوارا رشيقا فهم مثلنا فكرا وسلوكا مع اكتشافنا اختلاف الدين، لكننا وجدنا بعضنا وكأننا أصدقاء علي موعد، وأضاف المكان إلينا الكثير لنفكر بصوت عال فيما يحدث، وما قد يحدث، ونتبادل الطعام وكأننا في عزومة، بعدها خرجنا معا، وجدنا الزحام اشتد وعربات جيش قليلة تقف في مفاصل الميدان، وكثيرون يقتربون منها وعلامات الاطمئنان علي وجوههم، فوجود الجيش في المكان لا يعني إلا الأمان للناس، ويقترب البعض من سيارة منهم، حاملا طفلا شقيا يريد لمسها، وبسرعة تمتد يد الجندي فوقها للسلام عليه بابتسامة مهذبة تقول الكثير، ونبتعد مع الجموع، ونسير في طريق منشود إلي المكان المقصود، القصر، وتتحول الرحلة العائلية إلي نشيد جماعي يضم عشرات أصبحوا مئات ، ثم آلاف جاءوا من كل مكان بالقاهرة والمحافظات أيضا إلي حيث نطمئن علي بلدنا في هذا اليوم، الذي أصبح تاريخا بعدها، وأصبح أيضا عنوانا علي أن المصريين الذين رفضوا الاحتلال الأجنبي، لن يقبلوا باحتلال آخر من أي فصيل داخلي، وأنهم علي قلب رجل واحد، شعب متماسك، محب لوطنه، مهما صعبت عليه الأيام، وهكذا عدنا لبيوتنا في نهاية اليوم بعد إدراكنا إننا شاركنا كمواطنين في كل مكان من مصر في إنهاء حكم الإخوان في هذا اليوم المجيد ٣٠ يونيو ٢٠١٣.