لقطات: د. جودة عبدالخالق يناقش: 30 يونيو.. ثورة أم حركة احتجاجية؟

نعيش هذه الأيام في سياق ذكرى انتفاضة المصريين ضد جماعة الإخوان في 30 يونيو2013. كم كان يوما مشهودا؟ لكن لا يجوز أن ننسى أبدا أن تلك الانتفاضة هي الامتداد الطبيعى لانتفاضة المصريين ضد نظام مبارك في 25 يناير 2011. فمنذ يناير 2011 وحتى الآن يتراوح بندول المزاج الوطنى المصرى بين اليأس والرجاء. ودائما ما تذكرنى واقعة تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك يوم 11 فبراير2011، وما سبقها من أحداث وما تلاها من تطورات، بما جاء في رائعة الكاتب الإنجليزى تشارلز ديكينز “قصة مدينتين”: “كان أحسن الأزمان، وكان أسوأ الأزمان … كان عصر الحكمة، وكان عصر الحماقة… كان عهد الإيمان، وكان عهد الجحود … كان زمن النور، وكان زمن الظلمة … كان ربيع الأمل، وكان شتاء القنوط”. حقا، كان ربيع الأمل … وكان شتاء القنوط.
ولننتقل من عالم الأدب إلى عالم السياسة. ففي تقديرى أننا في حاجة ماسة الآن لفض الالتباس وتوضيح الرؤية. نتحدث عن ثورة يناير. ونتحدث عن ثورة يونيو. والفارق الزمنى بين الحدثين عام ونصف فقط. ولا يمكن لأى مجتمع أن ينجز ثورتين في عام ونصف العام. لا بد إذن من تصحيح قاموسنا السياسى. فالثورة، في المفهوم العلمى، هي عملية تغيير شامل في كل جوانب الحياة في المجتمع: في الاقتصاد والسياسة والثقافة والعلاقات الدولية. عملية التغيير الشامل تتضمن صراعا بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة. هذه العملية تحتاج إلى وقت طويل قبل أن يستعيد المجتمع توازنه ويستقر البندول عند نقطة التوازن. وخلال فترة المخاض الثورى، تتعرض الثورة للاختطاف. وتاريخ الثورات الكبرى يؤكد هذه الحقيقة. راجع تاريخ الثورة الفرنسية أو الروسية مثلا. وثورتنا بدأت في يناير 2011، لكنها لم تنته بعد. أين نحن من شعار “عيش … حرية … عدالة اجتماعية”؟
فترة “المد الإخواني” جاءت لملء الفراغ السياسى الذى أعقب سقوط مبارك فى 11 فبراير 2011. والذى مَكَّن الإخوان هو الخطأ من جانب المجلس العسكرى في ترتيب مراحل الانتقال إلى الحكم المدنى. فقد نص الإعلان الدستورى الصادر من المجلس في 13 فبراير 2011، ورغم اعتراض الحكومة، على إجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية يعقبها كتابة دستور جديد. فإجراء انتخابات قبل كتابة الدستور كان أشبه بوضع العربة قبل الحصان. ومن هنا تم الاختطاف الأول للثورة بواسطة الإخوان. ولما انتفض الشعب وأطاح بالإخوان بمساعدة الجيش في 30 يونيو 2013، أطلقنا على هذا ثورة. والحقيقة أن ما حدث كان بمثابة الموجة الثانية لثورة يناير لاستعادة السلطة من الاخوان. ونحن الآن نعيش مرحلة الاختطاف الثالث للثورة، وهو اختطاف نظام مبارك لها. وفى انتظار الموجة الرابعة.
ويمثل النصف الأول من عام 2012 ذروة النفوذ السياسى للإخوان. وأذكر بهذه المناسبة أنه في أوائل فبراير 2012 خاطب رئيس مجلس الشعب الإخوانى رئيس حكومة الإنقاذ الدكتور الجنزورى للإجابة على طلبات إحاطة عاجلة حول موضوع البطالة. كان الجو مشحونا جدا. وكانت الأغلبية الإخوانية الساحقة في مجلس الشعب تتربص بحكومة الإنقاذ برئاسة الدكتور الجنزورى. وتطاول أعضاء مجلس الشعب على رئيس الوزراء ووزير الداخلية (اللواء محمد إبراهيم) أثناء إلقاء بياناتهما في المجلس. واختارني الدكتور الجنزورى لهذه المهمة، رغم أن الوزير المختص هو وزير القوى العاملة. ووسط هذا الجو المشحون ذهبت صباح يوم 19 فبراير 2012 إلى مجلس الشعب للرد على طلبات الإحاطة. وكانت معمعة. وأترك للقراء الأعزاء متابعة المواجهة العاصفة التي كانت لى مع نواب الإخوان تحت القبة بمطالعة الفيديو من خلال الـ QR Code التالي.