لقطات.. د. جودة عبدالخالق يتحدث عن: عيد بأي وضع

أولا، أتوجه بالتهنئة للقراء الأعزاء، ولو بأثر رجعى، بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
ثانيا، أعتذر عن عدم كتابة هذه اللقطات بشكل منتظم. أحاول جاهدا الكتابة بانتظام، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه.
ثالثا، منذ يوم 5 يونيو وحتى الآن وأنا أقاوم إحساسًا غريبًا: مزيج من الضيق والقلق والخوف والغضب. أغلقت هاتفى المحمول، وتجاهلت هاتفى الأرضى. فلم أكن في حالة تسمح لى بالتفاعل مع الآخرين. في أيام عيد الأضحى، بذلت كل جهدى للخروج من هذه الحالة، باعتبار أن “العيد فرحة” كما يقال. لكن هيهات هيهات. واستمر الضيق والقلق والخوف والغضب. طاردتنى كلمات المتنبى في قصيدته بهذه المناسبة:
عيد بأية حال عدت يا عيد؟ بما مضى، أم لأمر فيك تجديد؟
أَصخرةٌ أنا؟ مالى لا تحركنى هذى المدام ولا هذى الأغاريد
نامت نواطير مِصرٍ عن ثعالبها فقد بَشِمْنِ وما تفنى العناقيد
ما كنت أحسبنى أحيا إلى زمن يسىء بى فيه كلبٌ وهو محمود
حاولت أن أفهم السبب في هذه الحالة من الوجود التعيس. تذكرت أننى استمعت بالصدفة إلى أغنية “وطنى وصباى وأحلامى”، كلمات الشاعر أحمد مخيمر وغناء نجاة الصغيرة وعبد الرؤوف إسماعيل وألحان محمود الشريف. هذه الأغنية التي تفيض بحب الوطن رقة وعذوبة كانت تذاع بشكل مستمر في أعقاب هزيمة يونيو 1967. ورغم رقتها وعذوبتها، إلا أنها ارتبطت في وجدانى بتلك الهزيمة القاسية التي ابتدعوا لها اسم “النكسة”. أخذت أتأمل حال مجتمعنا الآن، فوجدته لم يتغير كثيرا. ما زلنا نعيش نفس الحالة: مجتمع الفرد الواحد، والرأى الواحد، والكذب والنفاق. ازددت ضيقا وقلقا وخوفا وغضبا.
عدت أقرأ في إحدى قصائدى الشعرية التي كتبتها من وحى هزيمة يونيو 1967. وأعيد هنا نشر المقطع الأخير منها. قلت فيه، منذ حوالى نصف قرن:
وأرانى الآن أحيا في جماعة
أرى فيها الناس تزهو في وضاعة
وخداع الغير قد أضحى صناعة
وأنا في الجمع أبدو كاليتيم
غاب عنه الأب والأم، يهيم
شارد الذهن، حزين وسقيم
يا إلهى، كيف أرضى أن أهون؟!