بعد مصادقة صفقة NASAMS لمصر.. هل تعتزم أمريكا تقليل نفوذ إسرائيل في المنطقة؟

بعد مصادقة صفقة NASAMS لمصر.. هل تعتزم أمريكا تقليل نفوذ إسرائيل في المنطقة؟

أقرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطوة غير مسبوقة، صفقة تسليح ضخمة لصالح الجيش المصري، تبلغ قيمتها 4.67 مليار دولار، وتتضمن تكنولوجيا دفاعية كانت محظورة على القاهرة طوال عقود.

اللافت في هذه الصفقة أنها مرت دون اعتراض إسرائيلي، في مؤشر على تحول محتمل في السياسة العسكرية الأمريكية تجاه مصر.

منظومة “NASAMS” وصواريخ “AIM-120”

الصفقة الموقعة تشمل حصول مصر على منظومة الدفاع الجوي الأرضي المتطور NASAMS، إلى جانب صواريخ جو-جو “AIM-120 AMRAAM”، وهي ذخائر طالما سعت القاهرة لامتلاكها منذ سنوات، لكن طلبها كان يُقابل بالرفض الأمريكي.

تُعد هذه الصفقة الأكبر منذ حصول مصر في عام 2008 على أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى “AN/TWQ-1 Avenger” بقيمة 50 مليون دولار، وتمثل نقلة نوعية لقدرات الدفاع الجوي المصري.

تفاصيل الصفقة ومكوناتها

وفقًا لوكالة “التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية”، فإن الصفقة تتضمن: 4 وحدات رادار AN/MPQ-64F1 Sentinel ، و100 صاروخ جو-جو متوسط المدى AMRAAM، و100 صاروخ اعتراض جوي AIM-120C-8، بالإضافة إلى 600 صاروخ تكتيكي، بالإضافة إلى 150 صاروخ تدريب جوي أسير، و82 وحدة توجيه تكتيكية، وأنظمة قيادة وتحكم، ومراكز توزيع نيران، وأجهزة اتصالات متقدمة ونظام GPS عالي الدقة (DAGRs)، ودعم فني ولوجستي وتدريب متكامل على المنظومة.

وتُشرف على تنفيذ الصفقة شركة RTX (رايثيون سابقًا)، ويُتوقع سفر 60 شخصًا إلى مصر من الشركة والحكومة الأمريكية للإشراف على التنفيذ والتدريب.

دعم قدرات سلاح الجو المصري

وفي تقرير لمجلة “فوربس” الأمريكية أشار إلى أن نقص صواريخ AIM-120 كان يحد من فعالية مقاتلات F-16 المصرية، وهو ما دفع القاهرة في السنوات الماضية للبحث عن بدائل، تمثلت في شراء مقاتلات فرنسية من طراز “رافال”، وأخرى روسية مثل “ميج-29M/M2”.

وبموجب هذه الصفقة، سيتمكن سلاح الجو المصري من تحقيق تكامل عملياتي أكثر فاعلية لمقاتلاته، وهو ما من شأنه تقليل اعتماده على مصادر تسليح غير أمريكية في هذا المجال تحديدًا.

قدرات الدفاع الجوي تتوسع.. مصر تستكمل درعها المتوسط

منظومة NASAMS تُعد من أكثر الأنظمة فاعلية في التصدي للطائرات الحربية، والمروحيات، والطائرات المسيرة، وصواريخ الكروز، وتأتي لتُكمل أنظمة حصلت عليها مصر مؤخرًا من ألمانيا، مثل IRIS-T SL وIRIS-T SLM.

كما أن مدى صواريخ “AIM-120” التي تصل إلى 25 كيلومترًا، يضع الدفاع الجوي المصري في مستوى أعلى من القدرة على الردع، خاصة في ظل التوتر الإقليمي القائم.

وأشارت “فوربس” إلى أن الصفقة تأتي في وقت كانت فيه واشنطن وتل أبيب قلقتين من تمدد النفوذ العسكري الصيني والروسي في الجيش المصري، حيث أجرت القاهرة مناورات جوية مع الصين لأول مرة في أبريل الماضي، وأشارت تقارير إلى مساعي مصر لشراء الطائرة الشبحية J-35 من بكين، إضافة إلى استلامها منظومة دفاع جوي استراتيجية صينية من طراز HQ-9B.

كما سبق لمصر التعاقد مع موسكو على طائرات “سو-35” وأنظمة “S-300VM”، رغم الضغوط والعقوبات الأمريكية المحتملة بموجب قانون “كاتسا”.

أمريكا تسعى لمصالحها في المقام الأول

وعند سؤاله “هل تغيرت السياسة الأمريكية تجاه مصر؟”، أجاب المستشار بالأكاديمية العسكرية، اللواء أركان حرب، عادل العمدة، أن الاستراتيجية الأمريكية تجاه مصر ثابتة، لكنها قد تُغيّر بعض السياسات وفقًا لمصالحها الخاصة.

وأضاف العمدة، في تصريحات لـ”تليجراف مصر”، أن الولايات المتحدة تدرك جيدًا مكانة مصر وريادتها الإقليمية، فهي دولة محورية تقود مجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط، ما يمنحها وزنًا سياسيًا يُحسب له الحسبان على الساحة الدولية.

وأشار إلى أن واشنطن حريصة على الحفاظ على علاقة متوازنة مع القاهرة، انطلاقًا من إدراكها لأهمية الدور المصري في تحقيق الاستقرار الإقليمي، مضيفًا أن “من مصلحة الولايات المتحدة السعي الدائم لتوفيق الأوضاع مع مصر”.

وتعليقًا على تذبذب بعض المواقف الأمريكية، أوضح العمدة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتخذ مواقف متناقضة في ملفات عدة تتعلق بمصر، حيث أبدى إشادة في بعض الأحيان، ثم سرعان ما تبعها بمواقف مغايرة، وهو ما يعكس نمطًا متكررًا في سياساته الخارجية.

ثبات مصري يفغير موقف أمريكا

وأضاف أن الرفض الأمريكي لبعض الطلبات أو الصفقات في مراحل سابقة كان بمثابة أدوات ضغط على مصر لتغيير مواقفها من قضايا معينة، لكن واشنطن أدركت لاحقًا أن القرارات المصرية باتت تتسم بالثبات، وأن الدولة المصرية ترفض الرضوخ للابتزاز السياسي.

وشدد العمدة على أن “القرار المصري قرار وطني مستقل، لا يخضع لأي ضغوط خارجية، سواء من قوى كبرى أو إقليمية”، مؤكدًا أن السياسات التي تنتهجها القاهرة تُعلي من المصلحة القومية والأمن العربي المشترك.

محاولة لكبح تل أبيب

وأشار المستشار العسكري إلى وجود شراكة استراتيجية قائمة بين مصر والولايات المتحدة منذ عام 2018، تشمل التعاون العسكري وتبادل المصالح في مجالات مختلفة، وعلى رأسها صفقات التسليح.

واختتم العمدة تصريحاته بالإشارة إلى أن العدو الأكبر لمصر في المنطقة يظل الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن موافقة واشنطن على صفقة التسليح الأخيرة قد تحمل بُعدًا استراتيجيًا يهدف إلى كبح جماح تل أبيب أو الحد من تفوقها العسكري في المنطقة.