بين القاهرة وواشنطن.. خيارات ضاغطة لفرملة التصعيد الإسرائيلي في غزة

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر
في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، يبرز على الساحة الدولية حراك دبلوماسي مزدوج يحمل في طياته توجهين مختلفين: الأول في القاهرة حيث التأم زعماء مصر وفرنسا والأردن في قمة ثلاثية، والثاني في واشنطن حيث شهدت العاصمة الأمريكية مشاورات رفيعة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية. ورغم التباين في الخطاب والمصالح، يشترك كلا المسارين في هدف معلن: كبح التصعيد وإيجاد مخرج سياسي للأزمة. لكن السؤال المطروح بقوة: هل بات الطريق ممهدًا لتحرك دولي منسق يضع حدًا نهائيًا لحرب غزة؟
قمة القاهرة: موقف صلب في وجه التهجير وتصفية القضية
أكد الخبير في العلاقات الدولية د. حامد فارس، في تصريحات صحفية، أن القمة الثلاثية في القاهرة ترسم ملامح تحرك عربي أوروبي مشترك يرفض نهج الحلول العسكرية، ويعيد التمسك بخيار حل الدولتين كإستراتيجية ثابتة.
وشدد فارس على أن مصر تقود خطًا سياسيًا صلبًا يرفض أي محاولة لفرض أمر واقع جديد عبر التهجير أو تفريغ القطاع، قائلًا:
“القاهرة تتحمل عبء الدفاع عن فلسطين سياسيًا وإنسانيًا وأمنيًا، ورفضها لأي مشروع تهجير هو موقف لا يقبل التأويل.”
كما أشار إلى أن اللجنة الوزارية العربية التي انبثقت عن القمة الإسلامية – العربية الأخيرة، لعبت دورًا فاعلًا في خلق زخم دولي، خاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث دعمت 12 دولة أوروبية حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
رسالة واشنطن: دعم ثابت وتلويح خجول بالضغط
أما في واشنطن، فقد مثّلت المشاورات الأمريكية الإسرائيلية منصة لـ إعادة تأكيد الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل، مع إبقاء نافذة محدودة للضغط. ووفق فارس، فإن الولايات المتحدة تبقى الطرف الوحيد القادر فعليًا على فرض وقف إطلاق النار، في حال توافرت الإرادة السياسية لذلك.
ورغم أن التصريحات الأمريكية تبدو متوازنة، فإن غياب الضغط العملي من واشنطن يُضعف فرص الوصول إلى تهدئة حقيقية، في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية العنيفة على القطاع.
أوروبا والضغط الاقتصادي.. ورقة محتملة؟
يشير فارس إلى أن أوروبا تمتلك أدوات قوية للضغط، لا سيما من خلال اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، والتي تتجاوز قيمتها 50 مليار يورو. لكن، كما يؤكد، فإن استخدام هذه الورقة يتطلب رغبة سياسية حقيقية لا تزال غائبة، رغم تصاعد الانتقادات الأوروبية للعدوان على غزة.
“محور فلاديلفيا 2”.. سلاح التجويع في ثوب استراتيجي
من أبرز ما كشفه فارس هو مخطط “محور فلاديلفيا 2″، وهو مشروع إسرائيلي يهدف للسيطرة على مرتفعات حيوية في القطاع تُمكّن الجيش من رؤية استراتيجية كاملة وتحكم لوجستي بحركة المعابر والبضائع والمساعدات.
ويعتبر هذا المحور مركزًا مهمًا للمياه الجوفية والموارد الإنسانية، ما يجعله أداة لـ استخدام “سلاح التجويع” بهدف فرض واقع سياسي وأمني جديد، بما يخدم مشروع “إسرائيل الكبرى” الممتد نحو الضفة الغربية والجنوب اللبناني.
تهجير نحو سوريا.. السيناريو الأخطر
في مفاجأة صادمة، حذر فارس من مخطط إسرائيلي لتهجير الفلسطينيين إلى داخل سوريا، وتحديدًا إلى العاصمة دمشق، معتبرًا أن الصحافة الإسرائيلية وغرف القرار السياسي في تل أبيب تتناول هذا الخيار بجدية.
وهو ما يفتح جبهة تهديد جديدة على الأمن القومي العربي، وخاصة السوري، ويعزز فرضية أن إسرائيل تسعى لإعادة تشكيل المشهد الديموغرافي في غزة بما يخدم مشاريعها طويلة المدى.
رغم أن قمتَي القاهرة وواشنطن تعكسان اهتمامًا دوليًا متزايدًا بوقف التصعيد، إلا أن الرسائل القادمة من العاصمتين ما تزال متباينة في الأهداف والوسائل. ويؤكد فارس أن الرهان الحقيقي هو على تنسيق دولي – عربي مشترك لتوحيد الجهود وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مستقبل القطاع.