أبو الغيط: وثيقة بطرس غالي للسلام كخطة شاملة لتعزيز الدبلوماسية الوقائية

أبو الغيط: وثيقة بطرس غالي للسلام كخطة شاملة لتعزيز الدبلوماسية الوقائية

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن وثيقة أجندة السلام التي أطلقها الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي، تعد رؤية متكاملة لتعزيز الدبلوماسية الوقائية، واستعادة السلام والحفاظ عليه، خاصة وأن الرؤية تقترح وسائل مختلفة لزيادة فعالية منظومة الأمم المتحدة.

 جاء ذلك في كلمة أبو الغيط التي ألقاها نيابة عنه السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد رئيس رئيس قطاع الإعلام والاتصال في حفل إطلاق جائزة بطرس بطرس-غالي “الدبلوماسية السلام والتنمية”  اليوم الأحد بمقر الأمانة العامة. وتوجه خطابي بالشكر إلى الجهات المنظمة لهذه الاحتفالية المخصصة لإطلاق “جائزة بطرس بطرس غالي للحوار والديمقراطية والسلام”، تعبيرا عن مشاعر الوفاء والعرفان تجاه شخصية بارزة في الدبلوماسية المصرية، الذي كرّس حياته من أجل بناء عالم أفضل، وسيظل اسمه منحوتا في سجل التاريخ المعاصر. وقال إن بطرس بطرس غالي كان رجل دولة، ومفكراً سياسياً، وأكاديمياً، ومؤلفاً لأكثر من مائة مؤلف، بما في ذلك كتابه الأول باللغة الإنجليزية الذي صدر في الخمسينيات من القرن الماضي بعنوان: “جامعة الدول العربية 1945 – 1955: عشر سنوات من النضال”.. كما كان مؤسساً للمجلة الأسبوعية “الأهرام الاقتصادي”، ومؤسس المجلة الشهيرة المتخصصة في القضايا الجيو-استراتيجية “السياسة الدولية”.وتابع أن بطرس بطرس غالي كان أول عربي وأفريقي يشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة (1992 – 1996)، وذلك خلال فترة ما بعد الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفيتي، ونهاية الثنائية القطبية، وهي الفترة التي وصفها بأنها كانت أكثر تعقيدًا من الحرب الباردة نفسها.وأشار الى أن الدكتور غالي وبصفته أمينًا عامًا للأمم المتحدة، عقد اجتماعا لأعضاء مجلس الأمن للمرة الأولى على مستوى رؤساء الدول والحكومات لإصدار إعلان دولي من أجل عالم مستقر ومنصف يحترم حقوق الإنسان الأساسية. وذكر خطابي أن غالي في كتابه “خمس سنوات في بيت من زجاج”، عرض رؤيته بشكل معمق، مستنداً إلى أربعة مفاهيم رئيسية، وهي بناء السلام مؤكدا الحاجة إلى الدبلوماسية الوقائية، باعتبار الحفاظ على السلام لا ينحصر في إرساء السلام فحسب، بل يتطلب ترسيخه وتعزيزه؛ و التنمية المستدامة بمختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، و إصلاح الأمم المتحدة كضرورة ملحة لتلبية احتياجات الإنسانية المتزايدة، فضلا عما يتعلق بإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، حيث يرى غالي أنه لا بد من دمقرطة العولمة من أجل الحفاظ على الديمقراطية.وقال خطابي إن غالي، خلال ترؤسه للمنظمة الدولية للفرنكوفونية (1997 – 2002)، لم يدخر بطرس بطرس غالي جهدا لتعزيز الحوار والديمقراطية داخل هذا الفضاء الجيو -ثقافي في انفتاح على المجتمعات الأخرى، معبّراً عن رؤيته بهذه العبارة البليغة:” لقد خرجت الفرنكوفونية من عالمها لتنخرط فى العالم“. وأضاف أن بطرس بطرس غالي يرى ان العالم الفرنكوفوني لا ينحصر في تقاسم لغة موليير، التي كان شغوفا بها، بل فضاء جيو-ثقافي غني، يمكن توظيف تنوّعه كأداة فعّالة لتعزيز الحوار والديمقراطية في احترام للخصوصيات الوطنية والسيادة الاقليمية بعيدًا عن كل أشكال التجزئة والانقسام، فالتنوع الثقافي واللغوي وسيلة فعالة لنشر ثقافة السلام ودمقرطة العلاقات الدولية.من جانبه، قال السفير أبو بكر حفني نائب وزير الخارجية الذي شارك في الحفل نيابة عن الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة أن الدكتور بطرس بطرس غالي  تولي منصبه أمينا عاما للأمم المتحدة في أعقاب حرب الخليج الأولى في لحظة تاريخية اتسمت بانهيار الاتحاد السوفيتي وصعود الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة وقد سعى بجرأة نادرة إلى تعزيز استقلالية الأمم المتحدة، معتبراً أن المنظمة يجب أن تكون صوتاً للجماعة الدولية وليس أداةً لسياسات القوى الكبرى. وأضاف أن غالي أطلق وثيقة تاريخية بعنوان “خطة للسلام”، طرح فيها رؤية شاملة لإصلاح عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ودعا فيها إلى تبني مقاربة استباقية لمنع النزاعات عوضا عن سياسات رد الفعل، كما آمن غالي بأن الأمم المتحدة يجب أن تكون المنصة المركزية لصنع القرار الدولي، وسعى أيضا إلى تعزيز شرعيتها، وكان يرى أن الاستقلالية المؤسسية هي الضمانة الوحيدة لفعالية المنظمة. واشار حفني إلى أن الخطط الإصلاحية للدكتور بطرس غالي واجهت مقاومة شديدة من عدد من الدول التي حاولت إجهاضها بافتعال أزمات مالية.وتابع أن الدكتور بطرس غالي كان من أوائل من طرحوا مفهوم “الدبلوماسية الوقائية”، وقاد المنظمة خلال انتقالها من دورها التقليدي خلال الحرب الباردة إلى أدوار أكثر تعقيداً في إدارة النزاعات الداخلية وحماية المدنيين وعلى الرغم من بعض الإخفاقات التي لم تكن المنظمة مسؤولة عنها بأي حال من الأحوال، إلا أن هذه الفترة شهدت تطوراً مفاهيمياً كبيراً في عمليات حفظ السلام، ولتعزيز التعاون بين المنظمة الدولية والتجمعات الإقليمية مثل منظمة الوحدة الأفريقية التي أصبحت الاتحاد الأفريقي، ومنظمة الدول الأمريكية حيث اعتبر أن هذه الشراكات ضرورية لمعالجة النزاعات المعقدة . وذكر أن بطرس غالي كان من أوائل القادة الدوليين الذين أدركوا الارتباط العضوي بين السلام والتنمية المستدامة، ودعا إلى مقاربة شاملة تعالج الأسباب الجذرية للنزاعات وليس أعراضها فقط، وهي الرؤية التي سبقت بأعوام تبني الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة، وصارت مفهوما دوليا راسخاً.ولفت إلى أن  غالي جعل حقوق الإنسان في صلب عمل الأمم المتحدة، معتبراً إياه جزءاً لا يتجزأ من مفهوم الأمن الدولي.  وتم خلال الاحتفالية عقد عدد من الجلسات الحوارية حول أجندة بطرس غالي – الدبلوماسية السلام والتنمية وشهادات لبعض الشخصيات حول شخصية الدكتور بطرس بطرس غالي، فضلا عن عرض لجائزة بطرس بطرس غالي الدولية في مجال الدبلوماسية – السلام والتنمية.