مساء مبهج وتوفيق موفق.. النجم جورج كلوني ورابط المسرح بالسينما

في خطوة مهمة تمثل الثقة في شروط الحرية الإبداعية، وحرية الفنانين اللامحدودة في برودواي شارع المسارح الأشهر.
يحدث الآن الاستعداد لبث تليفزيوني مباشر لمسرحية النجم الأمريكي الشهير جورج كولوني ليلة سعيدة وحظ سعيد، في السابع من يونيو 2025.وهي مساهمة إبداعية مسرحية للحفاظ على المكتسبات الأمريكية التاريخية في الحريات العامة، إذ يشير كولوني إلى فترة المكارثية المسماة بفترة الخوف الأحمر، ويستعيدها تجاه بعض من الأداء المضاد للصحافة والإعلام سنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في هجمات ملحوظة على وسائل الإعلام الأمريكية، ومنها منع وكالة أسوشيتدبرس من تغطية بعض فعاليات الرئيس ترامب، وأيضا محاولته إنهاء التمويل الفيدرالي لإذاعتي NPR وPBS.والإشارة من هوليوود تحاول التأكيد على عدم الإكتراث بالاتهامات دون إدانة قانونية، وهي تحذر من ممارسات تشبه أقسى فترات التاريخ الأمريكي في أواخر الأربعينات وحتى نهاية الخمسينيات من القرن العشرين، عندما نشطت خلال الفترة من 1947 : 1957، وهددت حرية العلوم والفنون والعمل الدبلوماسي هناك.إنه ذلك الخوف الذي ضرب الحياه الثقافية والإبداعية والإعلامية آنذاك على يد جوزيف مكارثي عضو مجلس الشيوخ الأمريكي الجمهوري، والذي تسلط بالشكاوي والاتهامات على القامات الأمريكية آنذاك.إذ تسلل إلى مجلس الشيوخ الأمريكي وظل يحرض على التفتيش في ضمير المثقفين.وهي الفترة التي تمثل الشبح الأسود في أمريكا حتى الآن، وهي أحد أوضح النماذج على خطورة الإرهاب الثقافي.وقد تعرض لهذا الاضطهاد الفكري أعلام بارزة في كل المجالات ومنهم ألبرت أينشتاين العالم الكبير صاحب نظرية النسبية، وتشارلي تشابلن أسطورة السينما الأمريكية، وأرثر ميللر الكاتب المسرحي الأمريكي أحد أبرز كتاب المسرح في القرن العشرين، والذي أسهم في إنهاء هذه الظاهرة عبر المسرح كما يفعل جورج كولوني حالياً، وذلك عبر التلميحات العميقة في أعماله، ومنها الإشارة الكبيرة في مسرحيته البوتقة أو ساحرات سالم والتي كتبها 1952، أما مسرحية برودواي الجديدة ليلة سعيدة وحظ سعيد، فهي تستعيد كفاح الصحفي الأمريكي إدوار مورو عضو أكاديمية الفنون والعلوم الأمريكية، والذي كافح في فترة انتشار المكارثية لصالح حرية الفكر والإبداع والتفكير، وكان فارسا شهيرا في الصراع مع السيناتور الجمهوري جوزيف مكارثي خلال فترة الخوف الأحمر الأمريكي.وقد تم عرض مسرحية كولوني في مارس الماضي من العالم الحالي 2025 وحققت أعلى الإيرادات الأسبوعية في برودواي مما يجعل مسألة بثها للجمهور الكبير على شاشة التليفزيون حدثا يشتاق إليه الجمهور، وربما للمهتمين في مصر والوطن العربي، ذلك أن البث سيتم على القناة العالمية C.N.N international كما سيتم على القناة المحلية ذاتها، وذلك في السابعة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة الأمريكية في السابع من يونيو المقبل 2025.كما سيتم البث على موقع القناة على الشبكة الدولية للمعلومات CNN.com، هذا عن الحدث الهام الذي ينتصر للمبادئ الديموقراطية الأمريكية، والتي لا تزال في الولايات المتحدة جميعها حقوق مستقرة للمواطنين الأمريكيين بعيدا عن قراءة السياسة الخارجية الأمريكية، وعلى رأسها حرية التفكير والاعتقاد والإبداع والحريات العامة والشخصية، وهو سر أن أمريكا لا تزال بلدا للحلم، إن الحرية المصانة للأفراد هي سر استمرار الحلم الأمريكي، والذي يسعى جورج كولوني للتذكير به.أما ما أثار اهتمامي حقا بهذا الخبر عن مسرحية كولوني الناجحة والتي أشار لها في السادس عشر من مايو الجاري 2025 عدد من المواقع الإخبارية العربية والدولية، فلم تكن تلك الإشارة المهمة في اتجاه احترام حرية التعبير فقط، بل استوقفني لسبب مهني بحت، وهو أنه خبر استدعى مرة أخرى إلى عقلي تلك العلاقة بين المسرح وشاشة التليفزيون.إذ كنت قد أعددت مع المخرج السينمائي الكبير الأستاذ علي بدرخان مشروعا مسرحيا للشاشة حاول بخبرته ورؤيته الإبداعية وحرصه على الوعي بالفارق الجوهري بين المسرح والشاشة واختلاف طريقة التمثيل وصناعة التكوين المشهدي في كليهما، أن يجعله مشروعاً إبداعياً يناقش علاقة المسرح بالشاشة مناقشة جديدة ومبتكرة. وكنت أفكر معه وأصر في مناقشات حادة ومطولة إلى أن أقنعته بالمشروع وضرورة البحث الإبداعي في المزج الممكن المتاح بين قدرة المسرح على الحضور الحي البشري الخلاق، وقدرة الكاميرا على رصد التفاصيل الدقيقة، وأذكر أنه كان مصرا أن اللقطة المكبرة في المسرح لا تصنع إلا بالإضاءة في الفراغ المسرحي، والذي يمكن عبر الضوء والظلام أن نركز المشاهدة فيه على أصبع الممثل أو يده، وكنت مصرا على أن إلتقاط التفاصيل الصغيرة هي مقدرة أكثر حيوية للكاميرا، وهي صياغة مشهدية للمخرج كي يرى الجمهور المشهد من وجهة نظره، وهي القاعدة الأساسية في المسرح والشاشة معا.فالجمهور لا يرى إلا من وجهة نظر المخرج، وهي مسألة ذات صلة مباشرة برؤية المخرج الإبداعية التي بدونها لا يوجد مسرح أو سينما أو دراما تليفزيونية.يعود جورچ كولوني إذن بالضرورة عبر البث الحي إلى مناقشة تلك العلاقة بين المسرح والكاميرا، لأنه ببساطة إن لم يكن يذهب عبر القصدية المباشرة للبحث عن حيوية العرض المسرحي لما كان قد ذهب إلى البث المباشر، ذلك أن إمكانيات برودواي في تصوير المسرحيات مسبقا وتجهيزها للعرض على الشاشة هي إمكانيات غير محدودة، ومستقرة حول العالم منذ سنوات طوال.إن كولونى إذن يبحث على شاشة التليفزيون عن مشاهدة مسرحية مختلفة، لا تستهدف المسرحيات المصورة سلفا.ذلك أنه حقا وعبر البث الحي المباشر للمسرح توجد مساحات إبداعية كبيرة تنتظر الدخول إليها.هي علاقة إبداعية تفهم أن أول دار عرض سينمائي كان أسمها مسرح الفيلم Film Theater.وتستعيد عبر السير لورانس أوليفيه محاولات تاريخية كبرى بدأها في إنجلترا في شبكة B.B.C. ولم يكملها أحد.فهل يمكن انتظار مفاجأة جورج كولوني المسرحية في بث مباشر على شاشة التليفزيون الأمريكي الشهيرة C.N.N international؟ ربما.وربما تكون سبباً لأن نعيد التفكير في مصر في المسرح والبلاتوه، في إطار التفكير لإصلاح الدراما المصرية وأخذها نحو مساحات إبداعية جديدة شاسعة سهلة الإنتاج ثرية العمق في المزج بين المسرح ونصوصه الكبرى وشاشة التليفزيون.أفكار قديمة جديدة لكنها تحمل مغامرات فنية مختلفة، وهي تأتي حقا لتعيد طرح أسئلة إبداعية كادت أن تنسى عن علاقة المسرح بالكاميرا، وتؤكد لي أن مشروعي المؤجل المسرح في البلاتوه لم يكن نظراً في اتجاه المجهول، وأن مشروعي المؤجل أيضاً عن المسرح والبث المباشر والذي كان مطروحاً هذا الموسم لدى الهيئة العامة لقصور الثقافة في إطار رؤية وزارة الثقافة للتحول الرقمي والذي أجلته البيروقراطية والخوف من الجديد، ولكن المسرح والشاشة حلم قابل للتحقق في المسقبل، فقط كان مشروع المسرح في البلاتوه المعتمد من وزير الثقافة المصري النبيل د. عماد أبو غازي، ومشروع المسرح والبث المباشر الذي شرعت في البدء في تنفيذه في طرف مصري مبدع هو قرية أبو المطامير بالبحيرة في مسرح رائع تركه لمسقط رأسه الفنان الكبير الراحل محمود الجندي، والذي كان من المنتظر أن يحظى ببث مباشر حول العالم عبر الإنترنت هذا الموسم، تفكيراً إبداعياً في الاتجاه الصحيح، فقد فعلها جورچ كولوني واستطاعت برودواي تحقيق هذا الحلم، أنه التفكير المتزامن القادم من تأمل الإتاحات التكنولوجية اللا نهائية وعلاقتها بالمسرح.أدعوكم لمشاهدة هذا الحدث ليلة سعيدة وحظ سعيد.