الاختبارات.. وزيف التفوق الحرفي

الاختبارات.. وزيف التفوق الحرفي

وزارة التربية والتعليم، أو كما يسميها الطلاب “وزارة القلق المستمر”، قررت تطوّر منظومة الامتحانات، فبدأت تطوّر في معدلات الضغط والسكر عند أولياء الأمور.

الامتحانات نزلت هذا العام وكأنها اختبارات قبول في وكالة ناسا، والطالب المصري مطلوب منه يعرف “ما الذي أراده الشاعر من هذا البيت؟”، بينما الشاعر نفسه الله يرحمه مش كان عارف هو عايز إيه.لكن الظاهرة العجيبة مش الامتحان نفسه.. لا، الظاهرة هي الغش.أصبح للغش موسم، وله أدوات سماعة بلوتوث، نظارة ذكية، ورقة “برشام” مراقب معدوم الضمير عاوز يخلص بسرعه على شان يلحق يعمل دورين  بتوك توك بتاعة.وترك طالب دخل اللجنة ومعاه سماعة وساعة وموبايل ووصلة واي فاي… ناقص بس يدخل بلابتوب ومعاه مهندس دعم فني.أما وليّ الأمر، فبقى مدير عمليات الغش. الأب بيصحى بدري يراجع مع ابنه خطة التهريب “السماعة في الجيب الداخلي، الورقة ملفوفة على الممحاة، الكود هيجيلك على الواتساب”. والأم تجهز السندوتشات ومعاها خريطة اللجنة، وتوصيات “أوعى تنسى البرشامة في الجزمة”. واحد تاني جاب كوبري قدام المدرسة عشان يبعت الإجابات بالإشارة. بقى الموضوع “ميشن إمبوسيبول” تعليم.الغش بقى موهبة… وطموح… واستثمار أسري.لكن النتيجة؟طالب يتخرج من الثانوية وهو ما يعرفش يكتب اسمه من غير ما يسأل جوجل، ويدخل الكلية بالغش، ويتخرج بالغش، ويبقى موظف يملأ الورق غلط، أو دكتور يكتب الروشتة غلط، أو مهندس يبني كوبري يقع بعد أسبوع.المشكلة مش في طالب غش… المشكلة في مجتمع ساعده ينجح بالغش، وفرحله، وقال له “أهو شدّ حيلك في التنسيق”. شدّ حيله على إيه؟ على كذبة كبيرة اسمها “التفوق الورقي”، اللي بيتفجر بعدها المجتمع من تحت.الطالب بيخرج من اللجنة، يبتسم لأبوه، يقول له “جاوبت كل حاجة”، الأب يبتسم وهو بيطبطب عليه ويقول “برافو يا بطل… حافظت على المجهود اللي ما اتبذلش!”الطالب بيغش، والمدرس بيدور على درس، والوزير بيجرب نظام جديد كل سنة… والنتيجة؟ جيل بيعرف يحلّ “بابل شيت” وما يعرفش يكتب اسمه بالعربي.أما التعليم، فقاعد في ركن لوحده، ماسك الورق، وبيبكي.. بس من غير دموع، لأنه ما بقاش عنده أمل. دي ضربة في الضمير.. ويمكن لسه فيه فرصة نصلّحه قبل ما يطلع على المعاش!