ألواح الشفاه عند نساء قبيلة مرسي: “التوازن بين الهوية الثقافية والتحديات الحديثة”

من العادات الغريبة والتي تحمل دلالات ورمزية في افريقيا عادة ألواح الاخشاب لدى النساء فتُعرف قبيلة مرسي في وادي أومو جنوب غرب إثيوبيا بممارستها الثقافية الفريدة، وأشهرها ارتداء النساء لألواح الشفاه.
وتُعد هذه الممارسة، التي تبدأ غالباً في سن المراهقة، جزءاً من طقوس العبور إلى الأنوثة ورمزاً للهوية الاجتماعية داخل المجتمع المرسي كما أورد (Turton, 2004, p. 3). كما تُعبّر عن مفهوم محلي للجمال، يختلف جذرياً عن المعايير الغربية، ويُستخدم أيضاً كعنصر تمييز قبلي داخل المشهد الثقافي الإثيوبي .
أما عن هذه العادة والممارسة التي تبدو غريبة إلى حد ما فهى تبدأ العملية عادة عندما تبلغ الفتاة 15 أو 16 عامًا، حيث تقوم امرأة من الأسرة بثقب الشفة السفلى وإدخال وتد خشبي صغير. وبعد التئام الجرح، تبدأ الفتاة تدريجياً باستخدام أقراص طينية أكبر. وقد تصل بعض الألواح إلى قطر يزيد عن 12 سم، وهو ما يعتبر في بعض السياقات دليلاً على شجاعة الفتاة والتزامها الثقافي كما أورد (Turton, 2004, pp. 3–4) ، وهناك بعض الفتيات يخترن عدم مواصلة هذه العادة دون أن يتعرضن للنبذ، مما يدل على أن المجتمع المرسي لا يُمارس ضغطاً قهرياً في هذا الجانب ويترك لهن حرية الاختيار.
تحمل ألواح الشفاه دلالات رمزية تتعلق بالزواج والهوية والأنوثة. ففي كثير من المناسبات، تُرتدى اللوحة بشكلٍ احتفالي، وتُعدّ علامة احترام وتقدير داخل الأسرة، خاصة أثناء المناسبات الدينية أو الاجتماعية (Fayers-Kerr, 2012, p. 248). كما يرى بعض الباحثين أنها أداة تفاوضية تُستخدم في تحديد مهر العروس، وإن كان ينفي وجود علاقة مباشرة بين حجم اللوحة ومقدار المهر، مشيراً إلى أن التفاوض حول المهر يسبق غالباً عملية تمديد الشفة ومع ازدياد التفاعل مع السياحة.
أصبحت ألواح الشفاه محل جدل بين الحفاظ على الهوية واستغلال الصورة النمطية. فكثير من نساء مرسي يُجبرن على ارتداء اللوحات أمام السياح للحصول على المال، رغم أن بعضهن قد تخلّين عنها في الحياة اليومية .
كما تشير LaTosky إلى أن بعض الفتيات أصبحن ينظرن إلى اللوحات كمصدر للوصمة بدلاً من الفخر، خصوصًا مع التحاقهن بمدارس حكومية خارج مناطقهن الأصلية رغم ذلك، فإن كثيرًا من النساء لا يزلن يعتبرن هذه العادة مصدر قوة وشكلًا من أشكال التعبير عن الذات والهوية الجمعية .
تمثل ألواح الشفاه لدى نساء مرسي مزيجاً معقداً من الرمزية الثقافية والتاريخ الاجتماعي، وتعبّر عن مفهوم متفرد للأنوثة والجمال. وبينما تتعرض هذه الممارسة لضغوط من السياحة والتعليم والتحديث، فإنها لا تزال قائمة كعنصر قوي في سردية الانتماء والهُوية .إبراهيم محمد مرجونة أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية