وفاة زياد الرحباني.. إبداعاته معيشة وأثرت في الموسيقى والمسرح

وفاة زياد الرحباني.. إبداعاته معيشة وأثرت في الموسيقى والمسرح

رحل الفنان اللبناني زياد الرحباني، عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد مسيرة فنية حافلة، ترك خلالها بصمته العميقة في الموسيقى والمسرح. 

زياد الرحباني يرحل ويبقى صوته يصرخ من أجل فلسطين: “ما فيك تبني بلد وإسرائيل عالباب” كانت هذه واحدة من العبارات الخالدة التي قالها الراحل زياد الرحباني الذي أعلنت اليوم وفاته، في خسارة كبرى للفن والثقافة في العالم العربي.عرف زياد بموسيقاه المختلفة لكنه لم يكن مجرد فنان، بل كان مثقفًا مقاومًا، منحازًا منذ بداياته للقضية الفلسطينية وجعل من فنه منبرًا لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.زياد قال في إحدى مقابلاته: “الاحتلال الإسرائيلي مش بس سرق أرض، هو سرق كرامة أمة كاملة، والموسيقى لازم تكون سلاحنا”، لم تكن هذه الكلمات مجرد شعارات بل نهجا لحياته. قاوم بالصوت، بالكلمة، بالموقف. وظل صامدًا، رافضًا لكل تبرير يجمل وجه الاحتلال.صمدوا وغلبوا ومن أبرز ما قدمه الراحل زياد الرحباني أغنية “صمدوا وغلبوا” التي كتبها ولحنها لأهل الجنوب وغزة.رحل زياد الرحباني وبقي صوته شاهدا على مرحلة، وعلى موقف لم تكن أغانيه ترفا فنيا، بل سلاحا للمقاومة، وصدى لا يخفت لقضيةٍ لم تمت. رحل زياد لكن صوته باقٍ، يوقد الذاكرة، ويصرخ بالحقيقة.وزياد هو نجل الفنان الراحل عاصي الرحباني، والفنانة نهاد حداد المعروفة بفيروز، ويعد أحد أبرز المجددين في الأغنية اللبنانية والمسرح السياسي الساخر. بدأ مسيرته الفنية مطلع السبعينيات، حين قدم أولى مسرحياته الشهيرة “سهرية”، وكتب ولحن لاحقا لوالدته فيروز العديد من الأعمال.في الأول من يناير عام 1956، ولد زياد الرحباني في كنف عائلة غنية بالفن والإبداع. لم يكن مجرد ابن لفنانين، بل نشأ وسط واحدة من أكثر العائلات تأثيرا في تاريخ الفن العربي. والده عاصي وعمه منصور شكلا الثنائي الشهير “الأخوين رحباني”، وكانا شريكين في المسيرة الفنية لفيروز، أيقونة الغناء العربي وزوجة عاصي. هذه البيئة الزاخرة بالإبداع تركت بصمتها مبكراً على زياد، الذي أظهر شغفه بالفن منذ نعومة أظفاره.الحدث المفصلي في مسيرته جاء في عمر السابعة عشرة. في عام 1973، بينما كان والده يعاني من وعكة صحية، كانت والدته تستعد للبطولة الغنائية في مسرحية “المحطة”. خلال هذا الوقت، كتب منصور أغنية “سألوني الناس” لتعبر عن غياب عاصي، ولحن زياد الأغنية، ليكون هذا أول لحن يقدمه لفيروز، فاتحة تعاون طويل جمع بين الأم والابن، أهدى خلاله زياد فيروز أجمل ألحانها الحديثة مثل: “أنا عندي حنين”، “حبيتك تنسيت النوم”، و”سلملي عليه”، و”وحدن”.لم يقتصر عطاء زياد على التلحين، بل كتب كلمات عدد من الأغاني التي أدتها فيروز أيضا، مثل “عودك رنان”، “صباح ومسا”، “البوسطة”، و”تنذكر ما تنعاد”. لاحقًا، خاض تجربة الغناء بصوته الخاص، وترك أثراً واضحًا بأغنيات مثل “بلا ولا شي”، “أنا مش كافر”، و”عايشة وحدا بلاك”.المسرح كان له نصيب كبير من تجربته. بدأ ظهوره كممثل بدور الشرطي في مسرحية “المحطة”، وكرره في “ميس الريم”، التي لحن مقدمتها كذلك. لكن طموح زياد دفعه نحو كتابة وإخراج مسرحياته الخاصة، التي حملت بصمته الفكرية ونقده السياسي والاجتماعي اللاذع، مستخدما السخرية وسيلة للتعبير عن الواقع. من أبرز أعماله المسرحية: “سهرية”، “نزل السرور”، “بالنسبة لبكرا شو”، “شيء فاشل”، و”بخصوص الكرامة والشعب العنيد”.عام 1980، قدم مسرحيته الشهيرة “فيلم أمريكي طويل”، والتي دارت أحداثها داخل مستشفى للأمراض النفسية، لتصبح مرآة ساخرة للمجتمع اللبناني المنقسم آنذاك وسط الحرب الأهلية.توسعت مشاركاته الفنية لتشمل السينما، حيث لعب أدوارا صغيرة في أفلام مثل “نهلة” الجزائري، و”طيارة من ورق” اللبناني، كما ألّف الموسيقى التصويرية لهما، ما أبرز جانباً جديداً من مواهبه.