د. محمد مهران: الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين يمثل خطوة هامة تعزز الشرعية الدولية وتحد من الهيمنة الأمريكية.

أكد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتراف فرنسا رسمياً بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل يمثل تطوراً نوعياً في السياسة الدولية تجاه القضية الفلسطينية، مؤكداً أن هذه الخطوة تحمل دلالات قانونية وسياسية بالغة الأهمية تعزز من شرعية الحقوق الفلسطينية على الساحة الدولية.
وقال الدكتور مهران في تصريح خاص لـ”بوابة روزا اليوسف”، إن الاعتراف الفرنسي يكتسب أهمية استثنائية كونه يأتي من عضو دائم في مجلس الأمن الدولي ودولة أوروبية مؤثرة، مشيراً إلى أن هذا الاعتراف يعزز من المركز القانوني لفلسطين في النظام الدولي ويقوي موقفها في المحافل الدولية، موضحا أن فرنسا تنضم بذلك إلى 142 دولة اعترفت بالفعل بدولة فلسطين، مما يشكل أغلبية واضحة في المجتمع الدولي.وأشار خبير القانون الدولي إلى أن التوقيت المختار للإعلان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يحمل رمزية قانونية مهمة، حيث يؤكد على أن الاعتراف يأتي في إطار الشرعية الدولية وليس كموقف سياسي منفرد، مؤكداً أن هذا الإعلان سيعطي زخماً إضافياً للمطالب الفلسطينية في المنظمات الدولية ويعزز من قدرتها على المشاركة الفعالة في النظام القانوني الدولي.كما أكد أن الاعتراف الفرنسي يستند إلى أسس قانونية راسخة في القانون الدولي، وخاصة مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، كما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة القرارين 242 و338 اللذين يؤكدان على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.وشدد الدكتور مهران على أن هذا الاعتراف يأتي في سياق تطبيق فرنسا لالتزاماتها الدولية، مشيراً إلى أن اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933 تحدد معايير الدولة في القانون الدولي وهي: الشعب الدائم، والإقليم المحدد، والحكومة، والقدرة على إقامة علاقات مع الدول الأخرى، موضحا أن فلسطين تستوفي هذه المعايير رغم الاحتلال، مما يبرر الاعتراف الدولي بها كدولة.ولفت إلى أن الاعتراف الفرنسي يشكل ضربة قوية للسياسة الأمريكية التي تحتكر ملف التسوية منذ عقود، مؤكداً أن هذه الخطوة تفتح الباب أمام دور أوروبي أكثر فعالية في عملية السلام، ومشيرا إلى أن الموقف الفرنسي قد يحفز دولاً أوروبية أخرى لم تعترف بعد بدولة فلسطين على اتخاذ خطوات مماثلة، مما يعزز من العزلة الدبلوماسية لإسرائيل.وأكد أستاذ القانون الدولي أن هذا الاعتراف يعزز من قدرة فلسطين على اللجوء للمحاكم الدولية والمطالبة بحقوقها، مشيراً إلى أن الاعتراف الدولي الواسع يقوي من موقفها القانوني في القضايا المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، موضحا أن هذا يتيح أيضا لفلسطين إمكانيات قانونية أوسع لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي.وحذر مهران من أن الرفض الأمريكي والإسرائيلي للاعتراف الفرنسي يعكس تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة وعزلة إسرائيل المتزايدة، مؤكداً أن المجتمع الدولي لم يعد يقبل بالسياسات الإسرائيلية التوسعية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن تصريحات نتنياهو بأن الاعتراف “يكافئ الإرهاب” تعكس إفلاساً سياسياً ومحاولة يائسة لتشويه الحقائق القانونية.وأشاد بالترحيب العربي والدولي الواسع بالموقف الفرنسي، مؤكداً أنه يعكس إجماعاً دولياً متزايداً على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية. ولفت إلى أن الدور السعودي في دعم الجهود الفرنسية يؤكد على الإجماع العربي حول أهمية هذه الخطوة، مؤكدا أن الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين يمثل استثماراً في السلام والاستقرار الإقليمي.كما شدد علي أن حل الدولتين يبقى الخيار الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيرا إلى أن المقترح الفرنسي لعقد مؤتمر دولي بالشراكة مع السعودية لإعادة إطلاق حل الدولتين يعكس رؤية استراتيجية شاملة لمعالجة الأزمة.وراي الدكتور محمد مهران أن الاعتراف الفرنسي يمثل بداية مرحلة جديدة في التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية، مؤكداً أن هذه الخطوة ستدفع المجتمع الدولي نحو موقف أكثر حزماً في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية وستعزز من فرص تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.