وزير التجارة الأمريكي السابق: تحقيق اتفاق دائم مع الصين يعتبر من أبرز التحديات التجارية لترامب

اعتبر وزير التجارة الأميركي الأسبق ويلبر روس، أحد أبرز مهندسي السياسات الاقتصادية في الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الأخير عاد إلى البيت الأبيض أكثر قوة وثقة، مستعدًا لاستخدام التعريفات الجمركية كسلاح رئيسي في تنفيذ أجندته التجارية والدبلوماسية، لكن التحدي الأكبر حاليًا يكمن في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل ومستقر مع الصين. وأشاد روس – في حوار مع مجلة “نيوزويك” الأمريكية – بخطط ترامب الجديدة فيما يخص التعريفات الجمركية، مشيرا إلى أهمية نجاح واشنطن في عقد اتفاق مع الصين بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي كذلك، رغم تعقيد هيكله المكوّن من 27 دولة عضو، فضلًا عن حالة الجمود خلال عطلة الصيف التي تمتد لشهر بين يوليو وأغسطس داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وفي تقييمه لمجمل الحرب التجارية العالمية التي أطلقها ترامب في مطلع أبريل الماضي بفرض تعريفات جمركية على واردات أكثر من 100 دولة إلى الولايات المتحدة، قال روس: “كلها معارك صعبة.. نحن نطلب من الناس أن يخرجوا المال من جيوبهم ويضعوه في جيوبنا.. هل يمكنك تخيل شيء أصعب من ذلك؟”.وأشار روس إلى أن ترامب، هذه المرة، يخوض المواجهة بأجندة أوسع، تتجاوز مجرد تقليص العجز التجاري، حيث أصبحت التعريفات أداة تُستخدم لتحقيق أهداف سياسية ودبلوماسية، لدفع المكسيك لمحاربة تهريب الفنتانيل، أو معاقبة البرازيل على ما وصفه ترامب بـ”مطاردة الساحرات” ضد الرئيس السابق جايير بولسونارو.وأضاف روس، الذي شغل منصب وزير التجارة طيلة فترة الولاية الأولى لترامب، “في الفترة الأولى، كنا نستكشف حدود سلطة الرئيس دون الرجوع إلى مجلس الشيوخ، أما الآن فباتت لدينا خريطة أوضح، وترامب يسيطر فعليًا على الحزب الجمهوري، ولديه أغلبية ضئيلة ولكن فعالة في مجلسي النواب والشيوخ، ما يمنحه مركزًا أقوى قانونيًا وسياسيًا”.لكن رغم هذا التفوق السياسي، لا تزال بعض العقبات القانونية قائمة، ففي مايو الماضي أصدرت محكمة التجارة الدولية حكمًا بمنع استخدام ترامب لقانون الطوارئ الاقتصادية لتطبيق تعريفات دون موافقة الكونجرس، وهي خطوة اعتبرها روس خاطئة، مؤكدًا أن الخلل التجاري يشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي، مُستشهدًا بتجربة الحرب العالمية الثانية التي حُسمت، برأيه، بفضل القوة الصناعية الأمريكية.ورأى روس أن التعريفات أثبتت نجاحها في التأثير على سلوك الدول الأخرى، معتبرًا أن رفع مستوى “أرضية التفاوض” عبر فرض رسوم مرتفعة، أتاح للولايات المتحدة المجال لتقديم تخفيضات لاحقة كنوع من الكرم السياسي، قائلًا: “لا توجد دولة في العالم اليوم لن تكون سعيدة بدفع تعريفات جمركية كانت لتُعتبر ابتزازًا قبل سنوات”.ورفض روس وصف تراجعات ترامب السابقة عن تهديداته التجارية بـ”الانعطافات”، موضحًا أن الأمر لا يتعدى كونه جزءًا من مفاوضات تجارية طبيعية، مشيرًا إلى أن “فكرة طرحها للتفاوض تعني وجود مرونة ضمنية”.كما برر روس فشل الإدارة في تحقيق تعهد “90 اتفاقًا خلال 90 يومًا” بأن الهدف كان فرض ضغط على الدول الأخرى لتقديم تنازلات بشكل أسرع، مؤكدًا أن إبرام أي اتفاق تجاري في غضون أشهر يُعد “إنجازًا نادرًا”، مقارنة بالإطار الزمني المعتاد الذي يُقاس بالسنوات.ومن أبرز مكاسب السياسة الجمركية، حسب روس، ارتفاع إيرادات الخزانة الأمريكية، حيث تجاوزت عائدات الجمارك حاجز 100 مليار دولار في يونيو الماضي، وهو رقم غير مسبوق.وفيما يتعلق بالصين، التي كانت محور السياسات الجمركية خلال الولايتين، أبدى روس ثقته في قدرة الاقتصاد الأمريكي على الصمود، مؤكدًا أن “كل ألم نُسببه للصين أقوى بمرتين من الألم الذي قد يُلحقونه بنا”، وأن بكين سرعان ما تنفد من السلع التي يمكنها فرض تعريفات عليها ردًا على واشنطن.أما عن المخاوف من فقدان الحلفاء بسبب الرسوم الجمركية، أكد روس أن الضرر الذي قد يلحق بصادراتهم إلى الولايات المتحدة سيجبرهم على تقليص وارداتهم من الصين، ما يُبقيهم ضمن الفلك الأمريكي.وللرد على الانتقادات التي ترى أن سياسات ترامب الجمركية ستعزل واشنطن دبلوماسيًا، أشار روس إلى الاتفاق المبدئي الأخير بين الولايات المتحدة ودول الناتو لشراء أسلحة أمريكية تُرسل إلى أوكرانيا، متسائلًا: “من كان يتخيل أن يصل الأمر إلى أن تشتري دول الناتو سلاحًا من الولايات المتحدة لتقديمه لأوكرانيا؟”وفي ختام حديثه، أكد روس أن التأثيرات السلبية للتعريفات على الاقتصاد الأمريكي كانت ضئيلة، وأن الردود الانتقامية الدولية كانت محدودة، قائلًا: “إذا تجاوزنا الأسلوب وركزنا على المضمون، فلا أظن أن هناك رئيسًا واحدًا في تاريخ أمريكا استطاع أن يُحدث مثل هذا التغيير الجذري”