«مسرح بورسعيد».. ذاكرة نابضة تنبض خلال نشاطات معرض الكتاب

في باكورة الفعاليات الثقافية المصاحبة للدورة الثامنة من معرض بورسعيد للكتاب، الذي يُقام تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، احتضن المعرض أولى ندواته الفكرية تحت عنوان : “المسرح البورسعيدي.. ذاكرة المدينة المتوهجة”، والتي ناقشت تاريخ المسرح في المدينة الباسلة، وتحولاته، ورموزه.
أدار الندوة الدكتور أحمد يوسف عزت، أستاذ النقد الأدبي المساعد بكلية الآداب– جامعة بورسعيد، وشارك فيها المخرج المسرحي محمد الدسوقي، إلى جانب حضور نوعي من الأدباء والمبدعين والمهتمين بالشأن المسرحي في بورسعيد. في مستهل اللقاء، أكد عزت أن محمد الدسوقي يُعد أحد أبرز أعمدة المسرح البورسعيدي، مشيرًا إلى محطات مهمة في مسيرته المسرحية، بدأت بمسرحية “عمار يا مصر” تأليف الدكتور رشاد رشدي ضمن تجربة المسرح الطلابي في الاتحاد الاشتراكي، برعاية الفنانة عفاف الدياسطي، ثم انتقاله إلى تجربة “مسرحة المناهج التعليمية” عام 1972 التي أثمرت أكثر من عشر مسرحيات تعليمية. كما تناول عزت تجربته بالفرقة المسرحية الإقليمية لقصور الثقافة، حيث عمل مساعدًا للإخراج وتعلم على يد المسرحي نصر الدين الغريب، ثم انطلق مخرجًا محترفًا عبر مسرحية “يُحكى أن” عام 1982، ليقدّم بعدها سلسلة من العروض المؤثرة في المشهد المسرحي المحلي. من جانبه، عبّر المخرج محمد الدسوقي عن سعادته بالمشاركة في أولى ندوات المعرض، قائلاً إن هذه المناسبة تمثل وفاءً لذاكرة المسرح في بورسعيد، الذي عاش فيه وأخلص له. واستعرض بعضًا من محطاته، منها مسرحية “سعاد بنت الصياد” على خشبة قصر ثقافة بورسعيد، ومشاركته في تأسيس مسرح الطفل، وفرقة “الاستاد”. وتحدث المخرج سمير زاهر عن بدايات مسرح الطفل في المدينة، مشيرًا إلى أن محمد الدسوقي أخرج أكثر من ثلاثين عرضًا مسرحيًا للأطفال، وكان بعضها يُعرض ثلاث مرات يوميًا، ما يعكس حيوية الحركة المسرحية آنذاك. أما القاص والناقد محمد خضير، فأشاد بدور ورشة الإبداع المسرحي للطفل، وذكر أسماء بارزة ساهمت في تأسيس جيل جديد من مبدعي مسرح الطفل، من بينهم: أحمد زحام، علاء عبد الرحمن، عبد الفتاح البيه، مشيرًا إلى دور فرقة “النهضة” التي قدّمت عروضًا مسرحية بالعرائس في المناطق الشعبية بأدوات بسيطة وفاعلة. واقترح الشاعر عبد الفتاح البيه، تأسيس ورشة لصناعة المحتوى الشرقي للطفل، لمواجهة المحتوى الغربي، وتعزيز القيم الثقافية والوطنية لبناء جيل واعٍ ومستنير، قادر على قيادة المستقبل. كما استعاد الكاتب أسامة المصري ذكرى المسرح الصيفي الذي احتضن عروضًا ثقافية بمشاركة كبار الفنانين مثل فريد شوقي، ليلى علوي، حسين فهمي، وناشد بعودة تصوير الأعمال الفنية في بورسعيد لتعزيز صورتها كحاضنة ثقافية. فيما دعا الشاعر محمد رؤوف إلى إطلاق مهرجان سنوي للإخراج المسرحي للأطفال، تثمينًا لدور مسرح الطفل في التكوين الثقافي، مشيدًا بمسابقة “المبدع الصغير” كحافز لإطلاق طاقات الطفولة الإبداعية. بدوره، اقترح الشاعر عادل الشربيني، إنشاء مسرح مفتوح ودائم، يحتضن العروض المسرحية المتنوعة، ويكون منبرًا لترسيخ القيم الثقافية الأصيلة. وحذّر الكاتب أسامة كمال، من تأثيرات التكنولوجيا على وجدان الأطفال، داعيًا إلى مضاعفة الجهود الثقافية لحماية هذه الفئة المهمة، فيما أكدت المخرجة أميرة فؤاد أن مفاهيم البطولة لدى الطفل تغيّرت، ما يستدعي إعادة بناء المنظومة القيمية بما يتسق مع الهوية المصرية. وفي ختام الندوة، أكد الدكتور أحمد يوسف عزت، أهمية هذه الفعالية في توثيق ذاكرة المسرح البورسعيدي، من خلال شهادات حية ووقائع موثقة، داعيًا إلى مواصلة الاهتمام بثقافة الطفل كمدخل حقيقي لبناء جيل مستنير.