مصر تتصدر جهود التنمية وحل النزاعات من مالابو

فى رسالة واضحة، بأن «القاهرة» ركيزة أفريقيا الثابتة وصوتها الحى فى عالم يشهد الكثير من التحديات، شارك السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي فى أعمال قمة «آلية التنسيق مع الشركاء الدوليين»، التي انعقدت فى العاصمة الغينية «مالابو»، وسط حضور رفيع المستوى من قادة القارة وشركاء التنمية الدوليين، وممثلين عن المؤسسات الدولية.
زيارة الرئيس، جاءت كحلقة جديدة فى سلسلة طويلة من التحركات المصرية داخل القارة السمراء، تكشف عن تحول نوعى فى الاستراتيجية المصرية تجاه أفريقيا منذ توليه إدارة شؤون البلاد، إذ لم تعد «القاهرة» شريكًا فاعلًا فقط، بل باتت تمارس دورًا قياديًا فى ملفات التكامل والتنمية والاستقرار، وفى هذا الإطار أكد خبراء لـ«روزاليوسف»، أن قمة «مالابو» لم تكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل محطة استراتيجية تُرسخ مكانة مصر كقائد إقليمى حقيقى فى أفريقيا، يتحدث بلغة المصالح المشتركة، ويقترح حلولًا واقعية، ويستند لرصيد ضخم من العلاقات والتاريخ والخبرة، وذلك من خلال حضورها النشط فى ملفات الاقتصاد، والأمن، وبناء القدرات.
من جانبه وصف السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية، القمة بأنها بالغة الأهمية من حيث التوقيت والمضمون، خاصة فى ظل التحديات التي تعصف بعدد من دول القارة، مؤكدًا أن الرئيس السيسي يولى أهمية قصوى لاحتواء الأزمات السياسية والأمنية، مثل غياب الحكومات الفعالة، والتي تتطلب تنسيقًا عالى المستوى.
أبرز ما طرحه «السيسي»، بحسب حليمة، هو مبادرة «الإنذار المبكر للنزاعات»، وهى رؤية مصرية تُعلى من قيمة التنبؤ الاستراتيجى لتفادى الأزمات قبل انفجارها، ولا تقتصر على النزاعات المسلحة، بل تشمل أيضًا مسببات عدم الاستقرار مثل الأزمات المناخية والاقتصادية.
«حليمة»، أشار إلى أن مصر أكدت ضرورة بناء شراكات دولية عادلة مع أفريقيا، تُراعى الخصوصيات الثقافية والاجتماعية وتبتعد عن منطق الإملاء الخارجى، فى وقت تُعزز فيه «القاهرة» جهودها لتفعيل المنطقة الحرة القارية، التي كانت من أبرز إنجازات مصر حين ترأس «السيسي» الاتحاد الأفريقى عام 2019.
فيما يرى اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومى والشؤون الأفريقية، أن مشاركة الرئيس تعكس ثوابت السياسة المصرية فى القارة التي تتمثل فى دعم الاستقرار، وتعزيز السلم، وتكريس مبدأ «الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية»، مشددًا على أن هذه المشاركة تأتى فى ظل رئاسة مصر لقطاع شمال أفريقيا، ورئاستها للجنة التوجيهية لوكالة التنمية الأفريقية «نيباد» وهو ما يمنحها موقعًا محوريًا فى صياغة أجندة التنمية الأفريقية 2063.
«عبدالواحد» لفت إلى أن مصر من أبرز الداعمين لمبادرة إسكات البنادق، ووجودها فى هذه القمم ليس مجرد حضور شكلى بل يمثل التزامًا سياسيًا واستراتيجيًا تجاه القارة، موضحًا أن اللقاءات الثنائية على هامش القمة تمثل نافذة لتعزيز العلاقات متعددة الأطراف بين مصر ودول القارة على الصعيدين الأمنى والاقتصادى.
فى سياق متصل، شدد الدكتور محمد عبدالغفار، رئيس المجلس الاقتصادى الأفريقى ورئيس مفوضية عموم أفريقيا العالمية، على عمق العلاقات التاريخية بين مصر والقارة، مشيرًا إلى أن الدور المصري لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه، وهو ما تؤكده خطوات السيسي منذ توليه الحكم.
«عبدالغفار»، وصف مصر بأنها «القلب النابض لأفريقيا» ليس فقط على مستوى التاريخ المشترك، بل فى واقعها الحديث، حيث دعمت القاهرة الكوادر الأفريقية، وشاركت فى بناء القدرات الوطنية فى قطاعات متعددة مثل القضاء، التعليم، الزراعة، والصحة، عبر الصندوق المصري للتعاون الفنى مع أفريقيا، علاوة على أن العلاقات «المصرية – الغينية» خير نموذج على التكامل الثنائى، حيث تشهد تطورًا فى مجالات البنية التحتية، والنقل، والطاقة، والصحة، بدعم من القطاعين العام والخاص. نقلًا من صحيفة روزاليوسف