غارات إسرائيلية تستهدف وسط دمشق.. تصاعد إقليمي يهدد باندلاع أزمة كبيرة

غارات إسرائيلية تستهدف وسط دمشق.. تصاعد إقليمي يهدد باندلاع أزمة كبيرة

بينما كان السوريون يترقبون هدوءًا هشًّا في السويداء بعد إعلان وقف إطلاق نار ليلي، استفاقوا، اليوم الأربعاء، على تصعيد مزدوج: اشتباكات متجددة بين مقاتلين دروز محليين وقوات النظام السوري جنوبًا، وغارات إسرائيلية غير مسبوقة استهدفت بوابة مجمع هيئة الأركان العامة في العاصمة دمشق.

  أفراد من قوات الأمن السورية وأطفال يحملون بنادق في أحد أحياء السويداء 15 يوليو 2025 (أ.ف.ب) 

غارات على قلب العاصمة

الجيش الإسرائيلي أعلن بوضوح، على لسان الناطق باسمه أفيخاي أدرعي، أنه استهدف فجر اليوم “بوابة الدخول إلى مجمع هيئة الأركان العامة للجيش السوري” وسط دمشق، مؤكدًا أن الغارات جاءت بتوجيهات سياسية مباشرة، وتهدف إلى “حماية المواطنين الدروز في سوريا”، على حد تعبيره.وشدد أدرعي على أن إسرائيل “تراقب التطورات في الجنوب السوري عن كثب”، مؤكداً رفع درجة التأهب وتعزيز القوات الإسرائيلية على الحدود مع سوريا. وفي حين لم يعلّق النظام السوري بشكل مباشر على الغارة، اكتفت “الوكالة العربية السورية للأنباء” بالإشارة إلى سماع دوي انفجار كبير في العاصمة، بينما أكدت مصادر أمنية لوكالة “رويترز” أن الغارة استهدفت وزارة الدفاع السورية، مما يفتح الباب أمام احتمال تصعيد أمني وعسكري في قلب دمشق.

الهدنة تنهار بعد ساعات

جنوبًا، في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، لم تدم الهدنة التي أعلنتها وزارة الدفاع السورية، مساء أمس، أكثر من ساعات، إذ سرعان ما انهارت أمام تصاعد القصف المدفعي المكثف والاشتباكات المسلحة، وفق ما أفاد به موقع “السويداء 24” المحلي.المعارك اندلعت مجددًا بين مقاتلين دروز وقوات النظام، بعد أن كانت الاشتباكات قد خفتت مؤقتًا إثر تدخل وساطات محلية، لكن ساحة الصراع تحولت خلال الليل إلى ساحة نيران، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى بين مدنيين ومقاتلين وقوات حكومية.وزارة الدفاع السورية حمّلت من أسمتهم “جماعات خارجة عن القانون” مسؤولية خرق الهدنة، ودعت سكان المدينة للبقاء في منازلهم.فيما تداول مدنيون في المدينة روايات مؤلمة عن مداهمات قامت بها قوات النظام، تخللتها عمليات نهب لمنازل وسيارات، وحتى إحراق ممتلكات.

إسرائيل وأمريكا.. ذراع عسكري وغطاء دبلوماسي

التصعيد الإسرائيلي جاء على خلفية ما تقول تل أبيب إنه “قمع يتعرض له المواطنون الدروز في سوريا”. وأطلق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس تحذيرًا علنيًا مباشرًا للنظام السوري قائلاً: “اتركوا الدروز وشأنهم، وإلا سنواصل قصف قواتكم حتى تنسحبوا”.أما الولايات المتحدة، فدخلت على خط الأزمة بتحركات دبلوماسية، حيث صرّح المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس برّاك، بأن واشنطن “على اتصال بجميع الأطراف المعنية للعمل من أجل التهدئة والتكامل”، دون الإفصاح عن تفاصيل الوساطات أو إمكانية تدخل مباشر.

ماذا بعد؟

أحداث الساعات الأخيرة تنذر بانزلاق خطير في الجنوب السوري، وتفتح فصلاً جديدًا من التوتر الإقليمي، حيث يتداخل الانقسام الطائفي في الداخل السوري، مع الأطماع الإسرائيلية التوسعية، والتردي المستمر في قدرة النظام السوري الجديد على احتواء الأزمات المتراكمة على مدار سنوات الحرب الأهلية.السويداء، التي طالما كانت منطقة “صامتة” في النزاع السوري، باتت اليوم بؤرة اشتعال.أما دمشق، التي اعتادت على “الضربات المحدودة” و”الاحتفاظ بحق الرد”، تجد نفسها أمام استهداف مباشر لمفاصلها العسكرية الحساسة، ليفرض سؤال مهم نفسه الآن: هل تنجح الدبلوماسية في كبح هذا التصعيد؟ أم أننا على أعتاب مواجهة أوسع قد تمتد خارج الحدود السورية؟