الطاقة المتجددة تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري و”الهيدروجين الأخضر” هو وقود الغد.

تحديات كبيرة، يواجهها قطاع البترول فى مصر، فى ظل التغير المناخى العالمى، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الأحمال على الكهرباء، الأمر الذي جعل وزارة البترول تتخذ مجموعة من التدابير لتعزيز كفاءة الطاقة فى مختلف القطاعات، بما فى ذلك الصناعات البترولية والكهربائية، بالإضافة إلى خطتها للاستثمار فى الطاقات المتجددة مثل الشمسية والرياح والنووية، مما ينتج عنه تقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى والانبعاثات الكربونية.
التوسع فى الشراكات الدوليةوزارة البترول، حرصت مؤخرًا على توقيع اتفاق مع السعودية، لتأسيس برنامج وطني لتحسين كفاءة استخدام الطاقة فى مصر، إذ سيعمل الجانبان معًا على إعداد وتنفيذ البرنامج، من خلال تبادل الخبرات وتقديم الدعم الفنى من الجانب السعودى، والتعاون فى وضع منهجية عمل لتحديد الآليات والخطط اللازمة لتحقيق أهداف تحسين كفاءة الطاقة على المستوى الوطني فى مصر.وبموجب هذه الشراكة، سيتم تبادل المعرفة وتقديم الدعم الفنى فى مجال تحسين كفاءة استخدام الطاقة فى مصر، ويتضمن ذلك إعداد المواصفات والمعايير الفنية، والآليات التي تضمن تنفيذ لوائح ومعايير كفاءة الطاقة، وبناء القدرات البشرية من خلال البرامج التدريبية وورش العمل، وآليات تطوير شركات خدمات الطاقة والبنية التحتية اللازمة لمشروعات تحسين كفاءة الطاقة وتسهيل آليات التمويل والاستثمار فيها.كما سيتم دراسة تدشين كيان مشترك متخصص فى إنشاء وتطوير مشروعات كفاءة الطاقة المتجددة فى مصر، فضلًا عن تطوير البنية التحتية بالتعاون مع الكهرباء لتحمل الأحمال الزائدة خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة، هذا يمكن أن يشمل تحديث الشبكات الكهربائية وتحسين قدرة توليد الكهرباء.الدكتور سمير محمود القرعيش، النائب السابق لرئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس»، أكد أن وزارة البترول تلعب دورًا مهمًا فى مواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخى، من خلال مجموعة من الإجراءات الاستراتيجية والتعاون مع مختلف الأطراف، مشيرًا إلى أن الحصول على طاقة موثوقة بتكلفة ميسورة أمر ضروري لنمو اقتصادات قوية، واستمرار تحسين نوعية الحياة، والقضاء على الفقر.ويرى «القرعيش»، أن التحدى المجتمعى يتمثل فى معالجة مخاطر تغير المناخ مع تلبية الطلب العالمى المتزايد على الطاقة ودعم التنمية الاقتصادية، وتتطلب مواجهة التحدى المتمثل فى تغير المناخ فى سياق التنمية المستدامة، اتخاذ إجراءات من جميع قطاعات المجتمع.تحقيق أهداف التنمية المستدامة«صناعة النفط والغاز توفر أكثر من نصف طاقة العالم، وهى شريك أساسى فى التنمية المستدامة»، حسب تصريحات النائب السابق لرئيس شركة «إيجاس»، لافتًا إلى أن تحقيق أهداف اتفاقية باريس يعنى ضمنًا إحداث تحول فى نظام الطاقة على مدار هذا القرن، وخلال هذا التحول سيظل النفط والغاز جزءًا مهمًا من مزيج الطاقة الواسع لتقديم منتجات وخدمات طاقة حديثة وموثوقة وبأسعار معقولة.اتفاق باريس الذي وقع عليه 197 دولة عام 2016، يهدف إلى دعم الاستجابة العالمية لمخاطر تغير المناخ عن طريق الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى العالمية، وارتفاع درجة الحرارة العالمية فى هذا القرن من 1.5 إلى 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، كما يوفر الاتفاق طريقًا للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية فى جهود التخفيف من حدة المناخ والتكيف معه.«القرعيش»، ذكر أن تحول الطاقة فى سياق التنمية المستدامة بموجب اتفاقية باريس على الفترة الممتدة حتى عام 2025 أو 2030، وستكون الإجراءات التي تتخذها الدول على المدى القريب بشأن تلك المساهمات هى الخطوات الأولى المهمة نحو مسار خفض الانبعاثات».ووفق تصريحات النائب السابق لرئيس شركة «إيجاس»، فإن الحد من الانبعاثات يتطلب إجراء تغييرات جوهرية فى نظام الطاقة، إذ توفر المنتجات البترولية حاليًا الطاقة لمعظم أنظمة النقل العالمية، ويستخدم الغاز الطبيعى بشكل أساسى لتوليد الطاقة 40% من الطلب العالمى على الغاز، وللتدفئة السكنية، وكوقود للعمليات الصناعية، كما يلعب الغاز الطبيعى إلى جانب النفط دورًا رئيسيًا كمادة وسيطة للصناعة البتروكيميائية، فيما يستخدم الفحم بكثافة لتوليد الطاقة أكثر من 60% من الطلب العالمى على الفحم، والعمليات الصناعية، بما فى ذلك تحويل خامات المعادن وتصنيع الأسمنت.التركيز على المصادر المتجددة«القرعيش»، طالب بالتركيز على استخدام المصادر المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بوتيرة سريعة فى قطاع الكهرباء، إلى جانب الوقود الحيوى فى النقل، لافتًا إلى أن تحسين كفاءة وتوفير الطاقة هى الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، ووفقًا لتحليل أجرته وكالة الطاقة الدولية، مع التحسينات المحتملة فى كفاءة الإنتاج والاستخدام النهائى، إلى جانب الحفاظ على الطاقة، قد يكون الطلب المتوقع على الطاقة عام 2040 أقل بنسبة 12% تقريبًا من المستويات الحالية، ولتعظيم فرص توفير الطاقة، يجب معالجة الموانع التي تحول دون الاستيعاب، بما فى ذلك زيادة المعلومات المتاحة للمستهلكين.ومن الأساسيات التي يجب الاعتماد عليها لمواجهة تغير المناخ، كما قال «القرعيش»: «هى تقليل الانبعاثات من توليد الكهرباء، عبر استخدام أساليب وتقنيات متعددة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى الناتجة عن توليد الطاقة الكهربائية، وعلى المدى القريب ستكون إحدى أكثر الخطوات فعالية من حيث التكلفة والأكثر تأثيرًا التي يمكن أن يتخذها المجتمع هى التحول من الفحم إلى الغاز الطبيعى، وهذه الخطوة يمكن أن تخفض الانبعاثات إلى النصف لكل وحدة من الكهرباء المولدة.خيارات خفض الانبعاثات، تشمل أيضًا بشكل أساسى مصادر الطاقة المتجددة، من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة النووية، وعلى المدى الطويل فإن نشر توليد الكهرباء القائمة على الغاز والكتلة الحيوية باستخدام تكنولوجيا احتجاز ثانى أكسيد الكربون وتخزينه، من شأنه أن يتيح انبعاثات قريبة من الصفر أو حتى الكهرباء ذات الانبعاثات السلبية.الاكتشافات الجديدةالنائب السابق لرئيس شركة «إيجاس»، أشار كذلك إلى أن الاكتشافات الجديدة من الزيت الخام، أغنت مصر عن استيراد المنتجات علاوة على توفير مصادر جديدة من مصادر الطاقة غير التقليدية «الأحفورية»، كما نجحت مصر فى الخروج من الأزمة التي سببت عجزا فى إمدادات الطاقة عبر استراتيجية واسعة شملت خطة من خلال تنفيذ العديد من مشروعات الطاقة الشمسية، وكذا برامج جادة وواعدة لرفع كفاءة الطاقة وترشيدها فى ظل تقليص قوى وحاسم لدعم الطاقة، وتوجيهها إلى برامج الضمان الاجتماعى والنهوض بالصحة والخدمات.وسيظل العامل الأكثر حسمًا فى هذه الاستراتيجية لتوفير مصادر إنتاج الطاقة، هو الرؤية الواضحة بعيدة المدى، بضرورة التنوع وهيكلة مزيج التوليد الكهربى باستخدام مصادر الفحم والطاقة النووية فى مخطط التوسعات فى التوليد الكهربى حتى عام 2030.وحول الدوافع الأساسية لتحول الطاقة فى مصر، قال «القرعيش»: إنها تشمل تعظيم الاستفادة من الثروة البترولية المحققة لزيادة إسهام القطاع فى إجمالى الدخل القومى، وزيادة الصادرات المصرية، وتنويع مجالات العمل فى القطاع، فضلًا عن توطين صناعة التقنيات ذات الصلة بتحول الطاقة، مع العمل على توسيع أسواقها لخلق فرص عمل جديدة، ما يؤدى إلى زيادة العوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.إنتاج الهيدروجين الأخضرالجهود المصرية فى مجال تحول الطاقة، تضمنت أيضًا التوسع فى استخدام الهيدروجين، تماشيًا مع التوجه العالمى فى مجال الطاقة، إذ يعد أحد الخيارات الواعدة كونه مصدرا ناقلا للطاقة، وقود المستقبل، ومن المتوقع أن يوفر نسبة 24% من احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050، ويقوم قطاع الطاقة فى مصر حاليًا بالعمل على إعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين، بهدف امتلاك مصر القدرة فى مجال إنتاجه واستغلاله، بالشراكة مع الخبرات العالمية من خلال لجنة وزارية مختصة تشارك فيها وزارتا البترول والثروة المعدنية، والكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، وذلك بإضافة طاقة الهيدروجين الأخضر للمنظومة الوطنية المتكاملة للطاقة.