المهندس أمجد المناوي يكتب: هل تعلم أن منتج الله ثمين؟

في زمنٍ تتزاحمُ فيه الشهوات، وتتعالى فيه أصوات الدنيا بمباهجها الزائفة، يقف المؤمن الحقّ وقفة العارف، يعلم أن الطريق إلى الجنة محفوفٌ بالمكاره، وأن سلعة الله ليست رخيصة، بل هي أغلى من أن تُنال براحة جسد، أو بلين عيش، أو بانسياقٍ خلف الهوى. في هذا الزمان، تحتاج القلوب إلى تذكير، والعزائم إلى تثبيت، والنفوس إلى ترويض.يحتاج المؤمن أن يقف مع نفسه، ويسأل: إلى أين المسير؟هل للدنيا أعيش؟ أم للخلود أستعد؟وهنا… تتجلّى عظمة قول رسول الله ﷺ:“ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة”فمن طلب سلعةً غالية، لزمه الصبر على ثمنها. فالجنة ليست دربًا مفروشًا بالورود، بل سبيلٌ طويل، تُمتحن فيه العزائم، وتتقلب فيه القلوب، وتتجاذب النفس بين دعوة الحقِّ ووسوسة الباطل، وبين نور الهداية وظلمة الشهوات. ففي هذا الطريق:تتقلب القلوب بين يقين وشك، وتنازع النفس بين هوى وهدى، ويتجاذبك الناس بين رضا وسخط، وتشتد عليك الفتن كقطع الليل المظلموإن من أعظم دلائل الإيمان، أن يسلك المرء هذا الطريق، وهو يعلم أنه سيُبتلى، ويُؤذى، ويُعارض، وربما يُخذل، لكنه لا ينكسر، لأن عينه على الجائزة، وقلبه معلقٌ بالخاتمة. فكل خطوة إلى الجنة تمر باختبار: اختبار النفس في حب الطاعة، واختبار القلب في الثبات، واختبار اللسان في الصمت الجميل، واختبار الجوارح في الإقبال على الله. تأمل قول الله عز وجل:“أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب”هذه الزلزلة ليست ضعفًا، بل تمحيص، ليست عذابًا، بل إعداد… إعدادٌ لقومٍ أرادوا الجنة عن صدق، فصدقهم الله وعده. وما من نبيٍّ ولا عبدٍ صالحٍ سار إلى الله إلا وقد اعترضه الشيطان، ونازعته نفسه، وضيّق عليه الناس، لكنها المحنة التي تسبق المنحة، والليل الذي يسبق الفجر. إن الجنة لا تُنال بالكلام، بل بالسعي والبذل والثبات في زمن الفتن، فإن أعرض الناس فلا تُعرض، وإن تهاونوا فلا تَهُن، وإن ضلّوا الطريق فلا تضل، فالسير إلى الله طريق خاص، لا يقوى عليه إلا أصحاب الهمم العالية، والنفوس الطاهرة، والقلوب المعلّقة بالدار الآخرة. خلاصة القول،،، يا من سلكت درب الخير، اصبر…فإن في الطريق مشقة، لكنها تذهب،وفيه دمعة، لكنها تُرفع،وفيه تعب، لكنه يُنسى…أما الجنة، فباقية، لا تعب فيها، ولا نصب، ولا خوف، ولا حزن.وإنما السلعة الغالية، تستحقّ الثمن الغالي.